للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: فقد كان لها عمَّةٌ وهي صفية بنت عبد المطلب أخت حمزة، وكانت إذ ذاك موجودةً في المدينة، فإنَّها هاجرت، وشهدت الخندق، وقتلت رجلًا من اليهود كان يُطِيف بالحصن الذي (١) هي فيه، وهي أوَّل امرأةٍ قتلَتْ رجلًا من المشركين، وبقيت إلى خلافة عمر، فقدَّم النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - عليها الخالةَ، وهذا يدلُّ على تقديم من في جهة الأمِّ على من في جهة الأب.

قيل: إنَّما يدلُّ هذا إذا كانت صفية قد نازعتْ معهم وطلبت الحضانةَ فلم يَقْضِ لها بها بعد طلبها وقدَّم عليها الخالة، هذا إن كانت لم تُمنَع منها لعجزِها عنها، فإنَّها توفِّيت سنة عشرين عن ثلاثٍ وسبعين سنةً، فيكون لها وقت هذه الحكومة بضعًا وخمسين (٢) سنةً، فيحتمل أنَّها تركتْها لعجْزِها عنها، أو لم تطلبها مع قدرتها عليها، والحضانة حقٌّ للمرأة، فإذا تركتْها انتقلتْ إلى غيرها.

وبالجملة، فإنَّما يدلُّ الحديث على تقديم الخالة على العمَّة إذا ثبت أنَّ صفية خاصمتْ في ابنة أخيها (٣) وطلبت كفالتها، فقدَّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخالةَ، وهذا لا سبيلَ إليه.

فصل

ومن ذلك أنَّ مالكًا لمَّا قدَّم أمَّ الأمِّ على أمِّ الأب، قدَّم الخالة بعدها على الأب وأمِّه، واختلف أصحابه في تقديم خالة الخالة على هؤلاء على وجهين، فأحد الوجهين: تُقدَّم خالة الخالة على الأب نفسه وعلى أمِّه. وهذا في غاية


(١) د، ص، م: «التي».
(٢) كذا في جميع النسخ بالنصب، والوجه الرفع، وأُصلح في المطبوع.
(٣) م، ح: «أختها»، تصحيف.