ويطلبَ انتزاع الولد. فالاحتجاج بهذه القصَّة أبعدُ الاحتجاج وأبردُه.
ونظير هذا أيضًا احتجاجُهم بأنَّ أم سلمة لمَّا تزوَّجت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم تسقط كفالتها لابنتها (١)، بل استمرَّت على حضانتها. فيا عجبًا! مَن الذي نازع أم سلمة في ولدها ورَغِبَ عن أن يكون في حجر النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -؟
واحتجَّ لهذا القول أيضًا بأنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قضى بابنة حمزة لخالتها وهي مزوَّجةٌ بجعفر. ولا ريبَ أنَّ للنَّاس في قصَّة ابنة حمزة ثلاث مآخذ:
أحدها: أنَّ النِّكاح لا يُسقِط الحضانة.
الثَّاني: أنَّ المحضونة إذا كانت بنتًا فنكاح أمِّها لا يُسقِط حضانتها، ويُسقِطها إذا كان ذكرًا.
الثَّالث: أنَّ الزَّوج إذا كان نسيبًا من الطِّفل لم تسقط حضانتها، وإلَّا سقطت. فالاحتجاج بالقصَّة على أنَّ النِّكاح لا يُسقِط الحضانة مطلقًا لا يتمُّ إلا بعد إبطال ذينك الاحتمالين الآخرين.
فصل
وقضاؤه - صلى الله عليه وسلم - بالولد لأمِّه وقولُه:«أنتِ أحقُّ به ما لم تنكحي» لا يستفاد منه عموم القضاء لكلِّ أمٍّ حتَّى يَقضيَ به للأمِّ وإن كانت كافرةً، أو رقيقةً، أو فاسقةً، أو مسافرةً، فلا يصحُّ الاحتجاج به على ذلك ولا نفيه، فإذا دلَّ دليلٌ منفصلٌ على اعتبار الإسلام والحرِّيَّة والدِّيانة والإقامة لم يكن ذلك تخصيصًا ولا مخالفةً لظاهر الحديث.