للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مقدَّمًا على كثيرٍ ممَّا نقلوه وتوارثوا العمل به، فكيف يجوز عليهم تضييعُه واتِّصال العمل بخلافه؟ ولو كان الفسق ينافي الحضانة لكان من زنى أو شرِبَ (١) أو أتى كبيرةً فُرِّق بينه وبين أولاده الصِّغار والتمس لهم غيره، والله أعلم.

نعم، العقل مشتَرَطٌ في الحضانة، فلا حضانة لمجنونٍ ولا معتوهٍ ولا طفلٍ؛ لأنَّ هؤلاء يحتاجون إلى من يحضُنُهم ويكفُلُهم، فكيف يكونون كافلين لغيرهم؟

وأمَّا اشتراط الحرِّيَّة، فلا ينهض عليه دليلٌ يركَنُ القلب إليه، وقد شرَطَه أصحاب الأئمَّة الثَّلاثة. وقال مالك في حرٍّ له ولدٌ من أمةٍ: إنَّ الأمَّ أحقُّ به إلا أن تُباع فتنتقل، فيكون الأبُ أحقَّ بها. وهذا هو الصَّحيح؛ لأنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا تُولَّه والدةٌ عن ولدها» (٢)، وقال: «من فرَّق بين والدةٍ وولدِها فرَّق الله بينه وبين أحبَّتِه يومَ القيامة» (٣). وقد قالوا: لا يجوز التَّفريق في البيع بين الأمِّ


(١) بعدها في المطبوع: «خمرًا» وليست في النسخ.
(٢) روي عن عدد من الصحابة من وجوه لا تثبت، فقد أخرجه حرب الكرماني في «مسائله» (ص ٢٤١) والبيهقي في «السنن الكبرى» (٨/ ٨) من حديث أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، وابن عدي في «الكامل» (٨/ ١٦٣) من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه -، وبنحوه البخاري في «التاريخ الكبير» (٦/ ٤٧٧) من حديث نُقادة - رضي الله عنه -. وهو حديث ضعيف جدًّا، وينظر: «البدر المنير» لابن الملقن (٦/ ٥١٨) و «السلسلة الضعيفة» للألباني (٤٧٩٧).
(٣) أخرجه أحمد (٢٣٤٩٩)، والترمذي (١٥٦٦)، والحاكم (٢/ ٦٣) من حديث أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه -، وقال الترمذي: «حديث حسن غريب». وحسَّنه الألباني في التعليق على «مشكاة المصابيح» (٢/ ١٠٠٣).