للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وولدها الصَّغير فكيف يفرِّقون بينهما في الحضانة؟ وعموم الأحاديث يمنع من التَّفريق مطلقًا في الحضانة والبيع. واستدلالُهم بكون منافعها مملوكةً للسَّيِّد، فهي مستغرقةٌ في خدمته، فلا تفرغ لحضانة الولد= ممنوعٌ، بل حقُّ الحضانة لها، تُقدَّم به (١) في أوقات حاجة الولد على حقِّ السَّيِّد، كما في البيع سواء.

وأمَّا اشتراط خلوِّها من النِّكاح فقد تقدَّم. وهاهنا مسألةٌ ينبغي التَّنبيه عليها، وهي أنَّا إذا أسقطنا حقَّها من الحضانة بالنِّكاح ونقلناها إلى غيرها فاتَّفق أنَّه لم يكن له سواها= لم يسقط حقُّها من الحضانة، وهي أحقُّ به من الأجنبيِّ الذي يدفعه القاضي إليه، وتربيته في حجْرِ أمِّه ورَابِّه (٢) أصلح له من تربيته في بيت أجنبيٍّ محضٍ لا قرابةَ بينهما تُوجِب شفقته ورحمته وحُنوَّه، ومن المحال أن تأتي الشَّريعة بدفع مفسدةٍ بمفسدةٍ أعظمَ منها بكثيرٍ، والنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لم يحكم حكمًا عامًّا كلِّيًّا: أنَّ كلَّ امرأةٍ تزوَّجت سقطت حضانتها في جميع الأحوال، حتَّى يكون إثبات الحضانة للأمِّ في هذه الحال مخالفةً للنَّصِّ.

وأمَّا اتِّحاد الدَّار، فإن كان سفر أحدهما لحاجةٍ ثمَّ يعود والآخر مقيمٌ فهو أحقُّ؛ لأنَّ السَّفر بالولد الطِّفل ولا سيَّما إن كان رضيعًا إضرارٌ به، وتضييعٌ له. هكذا أطلقوه، ولم يستثنوا سفر الحجِّ من غيره.

وإن كان أحدهما منتقلًا عن بلد الآخر للإقامة، والبلد وطريقه مَخُوفان،


(١) «به» ليست في د، ص.
(٢) في المطبوع: «ورأيه»، تحريف.