للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أو أحدهما، فالمقيم أحقُّ. وإن كان هو وطريقُه آمنين ففيه قولان (١)، وهما روايتان عن أحمد، إحداهما: أنَّ الحضانة للأب ليتمكَّن من تربية الولد وتأديبه وتعليمه، وهو قول مالكٍ والشَّافعيِّ، وقضى به شُريحٌ. والثَّانية: أنَّ الأمَّ أحقُّ. وفيها قولٌ ثالثٌ: إنَّ المنتقل إن كان هو الأب فالأمُّ أحقُّ به، وإن كان (٢) الأمُّ فإن انتقلت إلى البلد الذي كان فيه أصل النِّكاح فهي أحقُّ به، وإن انتقلت إلى غيره (٣) فالأب أحقُّ، وهذا قول الحنفيَّة. وحكوا عن أبي حنيفة روايةً أخرى: أنَّ نَقْلَها إن كان من بلدٍ إلى قريةٍ فالأب أحقُّ، وإن كان من بلدٍ إلى بلدٍ فهي أحقُّ.

وهذه كلُّها أقوالٌ كما ترى لا يقوم عليها دليلٌ يسكن القلب إليه، فالصَّواب النَّظر والاحتياط للطِّفل في الأصلح له والأنفع من الإقامة والنّقلة، فأيُّهما كان أنفعَ له وأصونَ وأحفظَ رُوعِي، ولا تأثيرَ لإقامةٍ ولا نقلةٍ. هذا كلُّه ما لم يُرِد أحدهما بالنّقلة مُضارَّةَ الآخر وانتزاعَ الولد منه، فإن أراد ذلك لم يُجَبْ إليه، والله الموفِّق.

فصل

وقوله: «أنت أحقُّ به ما لم تنكحي»، قيل: فيه إضمارٌ تقديره: ما لم تنكحِي، ويدخلْ بك الزَّوج، ويحكمِ الحاكم بسقوط الحضانة. وهذا تعسُّفٌ بعيدٌ لا يُشعِر به اللَّفظ ولا يدلُّ عليه بوجهٍ، ولا هو من دلالة الاقتضاء الَّتي تتوقَّف صحَّة المعنى عليها. والدُّخول داخلٌ في قوله «تنكحي» عند من


(١) «ففيه قولان» ليست في د، ص.
(٢) ز: «كانت».
(٣) «إلى غيره» ليست في د.