للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دارت الصَّبيَّة معه حيث دار كان مشقَّةً عليها، وكان فيه من بروزها وظهورها كلَّ وقتٍ ما لا يخفى، وإن جلست في بيت إحداهنَّ كانت لها الحضانة وهي أجنبيَّةٌ.

هذا إن كان القضاء لجعفر. وإن كان للخالة ــ وهو الصَّحيح، وعليه يدلُّ الحديث الصَّحيح الصَّريح ــ فلا إشكال؛ لوجوهٍ:

أحدها: أنَّ نكاح الحاضنة لا يُسقِط حضانة البنت، كما هو إحدى الرِّوايتين عن أحمد، وأحد قولي العلماء. وحجته هذا الحديث، وقد تقدَّم سرُّ الفرق بين الذَّكر والأنثى.

الثَّاني: أنَّ نكاحها قريبًا من الطِّفل لا يُسقِط حضانتها، وجعفر ابن عمِّها.

الثَّالث: أنَّ الزَّوج إذا رضي بالحضانة وآثرَ كونَ الطِّفل عنده في حجره لم تسقط الحضانة. هذا هو الصَّحيح، وهو مبنيٌّ على أصلٍ، وهو أنَّ سقوط الحضانة بالنِّكاح هو مراعاةٌ لحقِّ الزَّوج، فإنَّه ينتقص (١) عليه الاستمتاع المطلوب من المرأة لحضانتها ولدَ غيره، ويتنكَّد عليه عيشُه مع المرأة، ولا يُؤمَن أن يحصل بينهما خلافُ المودَّة والرَّحمة؛ ولهذا للزَّوج أن يمنعها من هذا مع اشتغالها هي بحقوق الزَّوج، فتضيع مصلحة الطِّفل. فإذا آثرَ الزَّوجُ ذلك، وطلبه وحَرَصَ عليه، زالت المفسدة الَّتي لأجلها سقطت الحضانة، والمقتضي قائمٌ، فتَرتَّب عليه أثره.

يُوضِّحه أنَّ سقوط الحضانة بالنِّكاح ليست حقًّا للَّه، وإنَّما هي حقٌّ للزَّوج وللطِّفل وأقاربِه، فإذا رضي من له الحقُّ جاز. فزال الإشكال على كلِّ


(١) كذا في النسخ. وفي المطبوع: «يتنغّص».