للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قرابة الأمِّ أحقُّ بالحضانة من العصبة من قبل الأب، حتَّى تكون بنت الأخت للأمِّ أحقَّ من العمِّ، وبنت الخالة أحقَّ من العمِّ والعمَّة، فأين في الحديث دلالةٌ على هذا فضلًا عن أن تكون واضحةً؟

قوله: وكان معلومًا بذلك صحَّة قول من قال: لا حقَّ لعصبة الصَّغير والصَّغيرة من قبل الأب في حضانته ما لم يبلغ حدَّ الاختيار، يعني: فيُخيَّر بين قرابة أبيه وأمِّه. فيقال: ليس ذلك معلومًا من الحديث ولا مظنونًا، والحديث إنَّما دلَّ على أنَّ ابن العمِّ المزوَّج بالخالة أولى من ابن العمِّ الذي ليس تحته خالة الطِّفل، ويبقى تحقيق المناط: هل كانت جهة التَّعصيب مقتضيةً للحضانة (١) فاستوت في شخصين، فرجِّح أحدهما بكون خالة الطِّفل عنده وهي من أهل الحضانة؟ كما فهمه طائفةٌ من الحديث، أو أنَّ قرابة الأمِّ ــ وهي الخالة ــ أولى بحضانة الطِّفل من عصبة الأب؟ ولم تسقط حضانتها بالتَّزويج: إمَّا لكون الزَّوج لا يُسقِط الحضانة مطلقًا كقول الحسن ومَن وافقه، وإمَّا لكون المحضونة بنتًا كما قاله أحمد في روايةٍ (٢)، وإمَّا لكون الزَّوج قرابةَ الطِّفل كالمشهور من مذهب أحمد، وإمَّا لكون الحاضنة غيرَ أمٍّ نازعَها الأب كما قاله أبو جعفر.

فهذه أربعة مداركَ، ولكنَّ المدرك الذي اختاره أبو جعفر ضعيفٌ جدًّا، فإنَّ المعنى الذي أسقط حضانةَ الأمِّ بتزويجها هو بعينه موجودٌ في سائر نساء الحضانة، والخالة غايتها أن تقوم مقام الأمِّ، وتُشبَّه بها، فلا تكون أقوى منها،


(١) د، ص، ز: «لحضانته».
(٢) د، ص، ز: «روايته».