للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدها: أنَّهما يسقطان بمضيِّ الزَّمان، وهذا مذهب أبي حنيفة وإحدى الرِّوايتين عن أحمد.

والثَّاني: أنَّهما لا يسقطان إذا كان القريب طفلًا، وهذا وجهٌ للشَّافعيَّة.

والثَّالث: تسقط نفقة القريب دون نفقة الزَّوجة، وهذا هو المشهور من مذهب الشَّافعيِّ وأحمد ومالك.

ثمَّ الذين أسقطوها بمضيِّ الزَّمان منهم من قال: إذا كان الحاكم قد فرضها لم تسقط، وهذا قول بعض الشَّافعيَّة والحنابلة. ومنهم من قال: لا يُؤثِّر فرض الحاكم في وجوبها شيئًا إذا سقطت بمضيِّ الزَّمان. والَّذي ذكره أبو البركات في «محرَّره» الفرق بين نفقة الزَّوجة ونفقة القريب في ذلك، فقال (١): وإذا غاب مدَّةً ولم ينفق لزِمَه نفقة الماضي، وعنه: لا يلزمه إلا أن يكون الحاكم قد فرضَها. وأمَّا نفقة أقاربه فلا تلزمه لما مضى وإن فُرِضت، إلا أن يستدان عليه بإذن الحاكم.

وهذا هو الصَّواب، وأنَّه لا تأثير لفرض الحاكم في وجوب نفقة القريب لما مضى من الزَّمان نقلًا وتوجيهًا:

أمَّا النَّقل، فإنَّه لا يُعرف عن أحمد ولا عن (٢) قدماء أصحابه استقرارُ نفقة القريب بمضيِّ الزَّمان إذا فرضها الحاكم، ولا عن الشَّافعيِّ وقدماء أصحابه والمحقِّقين لمذهبه منهم، كصاحب «المهذَّب» و «الحاوي» و «الشَّامل» و «النِّهاية» و «التَّهذيب» و «البيان» و «الذَّخائر». وليس في هذه الكتب إلا السُّقوط بدون استثناء فرضٍ، وإنَّما يوجد استقرارها إذا فرضها


(١) «المحرر» (٢/ ١١٥).
(٢) «عن» ليست في ز.