للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحاكم في «الوسيط» و «الوجيز» و «شرح الرافعي» وفروعه. وقد صرَّح نصر المقدسي في «تهذيبه» والمحاملي في «العدَّة» ومحمد بن عثمان في «التَّمهيد» والبندنيجي في «المعتمد» بأنَّها لا تستقرُّ ولو فرضها القاضي، وعلَّلوا السُّقوط بأنَّها تجب على وجه المواساة لإحياء النَّفس (١)، ولهذا لا تجب مع يسار المنفق عليه. وهذا التَّعليل يوجب سقوطها، فُرِضَتْ أو لم تُفرض.

قال أبو المعالي (٢): وممَّا يدلُّ على ذلك أنَّ نفقة القريب إمتاعٌ لا تمليكٌ، وما لا يجب فيه التَّمليك وانثنَى (٣) إلى الكفاية استحال مصيره دَينًا في الذِّمَّة. واستبعد لهذا التَّعليل قول من يقول: إنَّ نفقة الصَّغير تستقرُّ بمضيِّ الزَّمان، وبالغ في تضعيفه من جهة أنَّ إيجاب الكفاية مع إيجاب عوض ما مضى متناقضٌ، ثمَّ اعتذر عن تقررها (٤) في صورة الحمل على الأصحِّ، إذا قلنا: إنَّ النَّفقة له بأنَّ الحامل مستحقَّةٌ لها ومنتفعةٌ بها فهي كنفقة الزَّوجة. قال: ولهذا قلنا: تتقدَّر، ثمَّ قال: هذا في الحمل والولد الصَّغير، أمَّا نفقة غيرهما فلا تصير دينًا أصلًا. انتهى.

وهذا الذي قاله هؤلاء هو الصَّواب، فإنَّ في تصوُّر فرْضِ الحاكم نظرًا؛ لأنَّه إمَّا أن يعتقد سقوطها بمضيِّ الزَّمان أو لا، فإن كان يعتقده لم يَسَعْ (٥) له الحكمُ بخلافه، وإلزامُ ما يعتقد أنَّه غير لازمٍ، وإن كان لا يعتقد سقوطها مع


(١) انظر: «الشرح الكبير» (١٠/ ٧٠) و «روضة الطالبين» (٩/ ٨٥).
(٢) في «نهاية المطلب» (١٥/ ٥١٦).
(٣) كذا في النسخ. وفي المطبوع: «وانتهى». وفي «النهاية»: «وابتنى على».
(٤) في المطبوع: «تقديرها» خلاف النسخ.
(٥) في المطبوع: «لم يسغ» خلاف النسخ.