أنَّه لا يعرف به قائلٌ إلا في الطِّفل الصَّغير على وجهٍ لأصحاب الشَّافعيِّ، فإمَّا أن يعني بالفرض: الإيجابَ، أو إثباتَ الواجب، أو تقديرَه، أو أمرًا رابعًا. فإن أُريد به الإيجاب فهو تحصيل الحاصل ولا أثرَ لفرضه، وكذلك إن أُريد به إثبات الواجب ففرضه وعدمه سِيَّانِ، وإن أُريد به تقدير الواجب فالتَّقدير إنَّما يؤثِّر في صفة الواجب من الزِّيادة والنُّقصان لا في سقوطه وثبوته، فلا أثرَ لفرضه في الوجوب البتَّةَ. هذا مع ما في التَّقدير من مصادمة الأدلَّة الَّتي تقدَّمت على أنَّ الواجب النَّفقة بالمعروف، فيُطعِمهم ممَّا يأكل ويكسوهم ممَّا يلبس. وإن أريد به أمرٌ رابعٌ فلا بدَّ من بيانه لننظر فيه.
فإن قيل: الأمر الرَّابع المراد هو عدم السُّقوط بمضيِّ الزَّمان، فهذا هو محلُّ الحكم، وهو الذي أثَّر فيه حكم الحاكم وتعلَّق به.
قيل: فكيف يمكن أن يعتقد السُّقوط ثمَّ يُلزِم ويقضي بخلافه؟ وإن اعتقد عدم السُّقوط فخلاف الإجماع (١)، ومعلومٌ أنَّ حكم الحاكم لا يُزِيل الشَّيء عن صفته، فإذا كانت صفة هذا الواجب سقوطه بمضيِّ الزَّمان شرعًا لم يُزِلْه حكم الحاكم عن صفته.
فإن قيل: بقي قسمٌ آخر، وهو أن يعتقد الحاكم السُّقوطَ بمضيِّ الزَّمان ما لم يُفرَض، فإن فُرِضت استقرَّت، فهو يحكم باستقرارها لأجل الفرض لا بنفس مضيِّ الزَّمان.
قيل: هذا لا يُجدِي شيئًا، فإنَّه إذا اعتقد سقوطها بمضيِّ الزَّمان، وأنَّ هذا هو الحقُّ والشَّرع، لم يَجُزْ له أن يلزم بما يعتقد سقوطه وعدم ثبوته، وما هذا إلا بمثابة ما لو ترافع إليه مضطرٌّ وصاحبُ طعامٍ غير مضطرٍّ، فقضي به