للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتسيُّبِها في أوطارها. ومعاذَ الله أن يأتي شرع الله بهذا الفساد الذي قد استطار شرارُه واستَعَرتْ ناره.

وإنَّما أمر عمر بن الخطَّاب الأزواج إذا طلَّقوا أن يبعثوا بنفقة ما مضى، ولم يأمرهم إذا قَدِموا أن يفرضوا نفقة ما مضى، ولا يُعرف ذلك عن صحابيٍّ البتَّةَ. ولا يلزم من الإلزام بالنَّفقة الماضية بعد الطَّلاق وانقطاعِها بالكلِّيَّة الإلزامُ بها إذا عاد الزَّوج إلى النَّفقة والإقامة، واستقبل الزَّوجة بكلِّ ما تحتاج إليه، فاعتبارُ أحدِهما بالآخر غير صحيحٍ. ونفقة الزَّوجة تجب يومًا بيوم، فهي كنفقة القريب، وما مضى فقد استغنتْ عنه بمضيِّ وقته، فلا وجهَ لإلزام الزَّوج به، وذلك منشأ العداوة والبغضاء بين الزَّوجين، وهو ضدُّ ما جعله الله بينهما من المودَّة والرَّحمة. وهذا القول هو الصَّحيح المختار الذي لا تقتضي الشَّريعةُ غيرَه. وقد صرَّح أصحاب الشَّافعيِّ بأنَّ كسوة الزَّوجة وسكنها يَسقُطان بمضيِّ الزَّمان إذا قيل: إنَّهما إمتاعٌ لا تمليكٌ، فإنَّ لهم في ذلك وجهين (١).

فصل

وأمَّا فرض الدَّراهم، فلا أصلَ له في كتاب الله تعالى، ولا سنَّة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، ولا عن أحدٍ من الصَّحابة البتَّةَ (٢)، ولا التَّابعين ولا تابعيهم، ولا نصَّ عليه أحدٌ من الأئمَّة الأربعة ولا غيرهم من أئمَّة الإسلام. وهذه كتب الآثار والسُّنن وكلام الأئمَّة بين أظهرنا، فأَوجِدُونا (٣) مَن ذكر فرض الدَّراهم.


(١) م، ح: «وجهان». وانظر: «تحفة المحتاج» (٨/ ٣٠٨).
(٢) «البتة» ليست في د، ص، ز.
(٣) ز: «فما وجدنا».