للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حفص بن المغيرة عيَّاشَ بن أبي ربيعة بطلاقي، فأرسل معه بخمسة آصُعِ تمرٍ وخمسة آصُعِ شعيرٍ، فقلتُ: ما لي نفقةٌ إلا هذا؟ ولا أعتدُّ في منزلكم؟ قال: لا، فشددتُ عليَّ ثيابي، وأتيت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: «كم طلَّقكِ؟»، قلت: ثلاثًا. قال: «صدقَ، ليس لكِ نفقةٌ، ولكن اعتدِّي في بيت ابن عمِّك ابن أمِّ مكتومٍ، فإنَّه ضرير البصر، تضعين ثوبك عنده، فإذا انقضتْ عدَّتُك فآذِنيني».

وروى النَّسائيُّ في «سننه» هذا الحديث بطرقه وألفاظه، وفي بعضها (١) بإسنادٍ صحيحٍ لا مطعنَ فيه: فقال لها النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّما النَّفقة والسُّكنى للمرأة إذا كان لزوجها عليها الرَّجعة».

ورواه الدَّارقطنيُّ (٢) وقال: فأتت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - فذكرتْ ذلك له، قالت: فلم يجعل لي سكنى ولا نفقةً، وقال: «إنَّما السُّكنى والنَّفقة لمن يملك الرَّجعة». وروى النَّسائيُّ (٣) أيضًا هذا اللَّفظ، وإسنادهما صحيحٌ.

ذِكرُ موافقة هذا الحكم لكتاب الله عزَّ وجلَّ

قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (١)


(١) برقم (٣٤٠٣). وأخرجه أحمد (٢٧١٠٠)، والطبراني في «الكبير» (٢٤/ ٣٧٨)، و «الأوسط» (٧/ ١٤٤)، والطحاوي في «شرح معاني الآثار» (٣/ ٦٤).
(٢) برقم (٣٩٥٧).
(٣) تقدم تخريجه.