للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} قال: لعلَّك تندم فيكون لك سبيلٌ إلى (١) الرَّجعة.

وقال الضحاك: {لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} قال: لعلَّه أن يراجعها في العدَّة (٢). وقاله عطاء (٣) وقتادة (٤) والحسن (٥).

وقد تقدَّم قول فاطمة بنت قيس: أيُّ أمرٍ يَحدُث بعد الثَّلاث؟ فهذا يدلُّ على أنَّ الطَّلاق المذكور هو الرَّجعيُّ الذي تَثبتُ فيه هذه الأحكام، وأنَّ حكمة أحكم الحاكمين وأرحم الرَّاحمين اقتضَتْه؛ لعلَّ الزَّوج أن يندم ويزول الشَّرُّ الذي نَزَغَه الشَّيطان بينهما، فيُتْبِعها نفسَه فيراجعها، كما قال عليُّ بن أبي طالبٍ: لو أنَّ النَّاس أخذوا بأمر الله في الطَّلاق ما يُتْبِع رجلٌ نفسَه امرأةً يطلِّقها أبدًا.

ثمَّ ذكر سبحانه الأمر بإسكان هؤلاء المطلَّقات فقال: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ} [الطلاق: ٦]، فالضَّمائر كلُّها يتَّحد مفسِّرها، وأحكامها كلُّها متلازمةٌ، وكان قول النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّما النَّفقة والسُّكنى للمرأة إذا كان لزوجها عليها رجعةٌ» مشتقًّا من كتاب الله ومفسِّرًا له، وبيانًا لمراد المتكلِّم به منه. فقد تبيَّن اتِّحاد قضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكتاب الله عزَّ وجلَّ.

والميزان الصحيح العادل أيضًا معهما لا يخالفهما، فإنَّ النَّفقة إنَّما تكون لزوجةٍ، فإذا بانت منه صارت أجنبيَّةً، حكمها حكم سائر الأجنبيَّات،


(١) د، ص، ز: «على».
(٢) «المصنف» (١٩٥٦٨).
(٣) «تفسير ابن كثير» (٨/ ١٤٤).
(٤) «مصنف عبد الرزاق» (٣٢٣٧).
(٥) «تفسير ابن جرير» (٢٣/ ٣٨).