للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من المهاجرات الأول، وقد رَضِيَها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحِبِّه وابنِ حِبِّه أسامة بن زيدٍ، وكان الذي خطبها له.

وإذا شئتَ أن تعرف مقدار حفظها وعلمها فاعرِفْه من حديث الدَّجَّال الطَّويل الذي حدَّث به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على المنبر، فوعَتْه فاطمة وحفظته، وأدَّته كما سمعتْه، ولم ينكره عليها أحدٌ مع طوله وغرابته (١). فكيف بقصَّةٍ جرتْ لها وهي سببُها، وخاصمَتْ فيها وحُكِم فيها بكلمتين، وهي: لا نفقةَ لكِ ولا سكنى. والعادة تُوجِب حفظَ مثل هذا وذكره، واحتمال النِّسيان فيه أمرٌ مشتركٌ بينها وبين من أنكر عليها، فهذا عمر - رضي الله عنه - قد نسي تيمُّم الجنب، وذكَّره عمَّار بن ياسرٍ أمْرَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لهما بالتَّيمُّم من الجنابة، فلم يذكره عمر، وأقام على أنَّ الجنب لا يُصلِّي حتَّى يجد الماء (٢).

ونسي - رضي الله عنه - قوله تعالى: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا} [النساء: ٢٠] حتَّى ذكَّرتْه به امرأةٌ، فرجع إلى قولها (٣).


(١) أخرجه مسلم (٢٩٤٢).
(٢) أخرجه البخاري (٣٤٧)، ومسلم (٣٦٨).
(٣) أخرجه سعيد بن منصور (١/ ١٩٥)، ومن طريقه الطحاوي في «مشكل الآثار» (١٣/ ٥٧)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (٧/ ٢٣٣)، وقال البيهقي: «هذا منقطع»، وفيه مجالد بن سعيد، متكلم فيه من قبل حفظه. وقد أخرجه أبو يعلى في «مسنده» (٧٥٧ - المقصد العلي)، متصلًا من طريق مجالد عن الشعبي عن مسروق عن عمر، وجوَّدَ ابن كثير إسناد أبي يعلى في «تفسيره» (٢/ ٢٤٤). وأخرجه عبد الرزاق (١٠٤٢٠) مختصرًا من طريق أبي حصين عن أبي عبد الرحمن السلمي عن عمر، واختلف في سماع أبي عبد الرحمن من عمر، وأصل الأثر عند أبي داود (٢١٠٦)، والنسائي (٣٣٤٩)، وصححه الألباني في «إرواء الغليل» (١٩٢٧) دون زيادة قصة اعتراض المرأة على عمر.