للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونسي قوله تعالى {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: ٣٠] حتَّى ذُكِّر به (١).

فإن كان جواز النِّسيان على الرَّاوي يوجب سقوطَ روايته سقطتْ رواية عمر الَّتي عارضتم بها خبر فاطمة، وإن كان لا يوجب سقوطَ روايته بطلت المعارضة بذلك، فهي باطلةٌ على التَّقديرين، ولو رُدَّت السُّنن بمثل هذا لم يبقَ بأيدي الأمَّة منها إلا اليسير.

ثمَّ كيف يعارِض خبر فاطمة ويطعن فيه بمثل هذا مَن يرى قبول خبر الواحد العدل ولا يشترط للرِّواية نصابًا؟ وعمر - رضي الله عنه - أصابه في هذا مثلُ ما أصابه في ردِّ خبر أبي موسى في الاستئذان حتَّى (٢) شهد له أبو سعيد (٣)، وردِّ خبر المغيرة بن شعبة في إملاص المرأة حتَّى شهد له محمد بن مَسْلمة (٤). وهذا كان تثبُّتًا (٥) منه - رضي الله عنه - حتَّى لا يركب النَّاس الصَّعب والذَّلولَ في الرِّواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - , وإلَّا فقد قَبِلَ خبر الضحاك بن سفيان الكلابي وحده وهو أعرابيٌّ (٦)، وقَبِلَ لعائشة عدَّة أخبارٍ تفرَّدت بها.


(١) أخرجه البخاري (٣٦٦٧, ٣٦٦٨) من حديث عائشة - رضي الله عنها -.
(٢) د, ص, ح: «حين».
(٣) أخرجه البخاري (٢٠٦٢) ومسلم (٢١٥٣).
(٤) أخرجه البخاري (٦٩٠٥، ٦٩٠٦) ومسلم (١٦٨٩) من حديث المسور بن مخرمة.
(٥) في المطبوع: «تثبيتا» خلاف النسخ.
(٦) أخرجه أحمد (١٥٧٤٥)، وأبو داود (٢٩٢٧)، والترمذي (١٤١٥، ٢١١٠)، والحاكم (٤/ ٣٨)، وقال الترمذي: «هذا حديث حسن صحيح».