للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والشَّعبيُّ (١)، وأصحاب ابن مسعودٍ، وممن بعدهم: سفيان الثَّوريُّ، وعبد الرزاق، وأبو حنيفة وأصحابه، وممن بعدهم: أحمد، وإسحاق، وداود وأصحابهم.

وقد اختلف الفقهاء في حكم هذه المسألة على عدَّة أقوالٍ.

أحدها: أنَّه لا يُجْبَر أحدٌ على نفقة أحدٍ من أقاربه، وإنَّما ذلك برٌّ وصلةٌ، وهذا مذهبٌ يُعزى إلى الشَّعبيِّ. قال عبد بن حميدٍ الكشِّيُّ (٢): ثنا قَبيصة، عن سفيان الثَّوريِّ، عن أشعث، عن الشَّعبيِّ قال: ما رأيت أحدًا أجبر أحدًا على أحدٍ. يعني على نفقته.

وفي إثبات هذا المذهب بهذا الكلام نظرٌ، والشَّعبيُّ أفقهُ من هذا، والظَّاهر أنَّه أراد أنَّ النَّاس كانوا أتقى لله من أن يحتاج الغيرُ (٣) أن يُجبِره الحاكم على الإنفاق على قريبه المحتاج، وكان النَّاس يكتفون بإيجاب الشَّرع عن إيجاب الحاكم وإجباره.

المذهب الثَّاني: أنَّه يجب عليه النَّفقة على أبيه (٤) الأدنى وأمِّه الَّتي ولدته خاصَّةً، فهذان الأبوان يُجبَر الذَّكر والأنثى من الولد على النَّفقة عليهما إذا كانا فقيرين. فأمَّا نفقة الأولاد فإن الرجل يُجبَر على نفقة ابنه الأدنى حتَّى


(١) أخرجه ابن جرير في «تفسيره» (٤/ ٢٢٩).
(٢) أخرجه ابن حزم في «المحلى» (١٠/ ١٠١) من طريقه، وفي إسناده أشعث بن سوار، وقد ضعفه أكثر النقاد.
(٣) في المطبوع: «الغني» خلاف النسخ.
(٤) د، ص، ز: «ابنه»، تصحيف.