للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأخاك، ثمَّ أدناك فأدناك، حقٌّ واجبٌ ورَحِمٌ موصولةٌ» (١).

فإن قيل: المراد بذلك البرُّ والصِّلة دون الوجوب.

قيل: يردُّ هذا أنَّه سبحانه أمر به وسمَّاه حقًّا، وأضافه إليه بقوله: (حقَّه)، وأخبر النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه حقٌّ، وأنَّه واجبٌ، وبعضُ هذا يُنادِي على الوجوب جهارًا.

فإن قيل: المراد بحقِّه تركُ قطيعته.

فالجواب من وجهين:

أحدهما: أن يقال: فأيُّ قطيعةٍ أعظمُ من أن يراه يَتلظَّى جوعًا وعطشًا، ويتأذَّى غايةَ الأذى بالحرِّ والبرد، ولا يُطعِمه لقمةً، ولا يَسقِيه جرعةً، ولا يكسوه ما يَستُر عورته ويَقِيهِ الحرَّ والبرد، ويُسكِنه تحت سقفٍ يُظِلُّه؟ هذا وهو أخوه ابن أمِّه وأبيه، أو عمُّه صِنْوُ أبيه، أو خالته الَّتي هي أمُّه، وإنَّما يجب عليه من ذلك ما يجب بذلُه للأجنبيِّ البعيد، بأن يُعاوِضه على ذلك في الذِّمَّة إلى أن يُوسِر ثمَّ يسترجع به عليه، هذا مع كونه في غاية اليسار والجِدَة وسعةِ الأموال. فإن لم تكن هذه قطيعةً فإنَّا لا ندري ما هي (٢) القطيعة المحرَّمة، والصِّلة الَّتي أمر الله بها وحرَّمَ الجنَّة على قاطعها؟

الوجه الثَّاني: أن يقال: فما هذه الصِّلة الواجبة الَّتي نادت عليها النُّصوص وبالغت في إيجابها وذمَّت قاطعها؟ فأيُّ قدرٍ زائدٍ فيها على حقِّ


(١) هذا اللفظ ملفق من حديثين تقدم تخريجهما (ص ١٤٥).
(٢) «هي» ليست في د.