للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لبن الفحل ولدًا له، فأَنْ لا يُحرِّموا عليه امرأته ولا على الرِّضيع امرأةَ الفحل بطريق الأولى، فعلى قول هؤلاء فلا يحرم على المرأة أبو زوجها من الرَّضاعة، ولا ابنه من الرَّضاعة (١).

فإن قيل: هؤلاء لم يُثبتوا البنوَّة بين المرتضع وبين الفحل فلم تثبت المصاهرة؛ لأنَّها فرع ثبوت بنوَّة الرَّضاع، فإذا لم تَثبتْ لم تثبت فروعها (٢)، وأمَّا من أثبت بنوَّة الرَّضاع من جهة الفحل كما دلَّت عليه السُّنَّة الصَّحيحة الصَّريحة وقال به جمهور أهل الإسلام، فإنَّه يُثبِت المصاهرةَ بهذه البنوَّة، فهل قال أحدٌ ممَّن ذهب إلى التَّحريم بلبن الفحل: إنَّ زوجة أبيه وابنه من الرَّضاعة لا تحرم؟

قيل: المقصود أنَّ في تحريم هذه نزاعًا، وأنَّه ليس مجمعًا عليه، وبقي النَّظر في مأخذه، هل هو إلغاء لبن الفحل وأنَّه لا تأثير له، أو إلغاء المصاهرة من جهة الرَّضاع وأنها لا تأثير لها، وإنَّما التَّأثير لمصاهرة النَّسب؟

ولا شكَّ أنَّ المأخذ الأوَّل باطلٌ؛ لثبوت السُّنَّة الصَّريحة بالتَّحريم بلبن الفحل، وقد بيَّنَّا أنَّه لا يلزم من القول بالتَّحريم به إثباتُ المصاهرة به إلا بالقياس، وقد تقدَّم أنَّ الفارق بين الأصل والفرع أضعافُ أضعافِ الجامع، وأنَّه لا يلزم من ثبوت حكمٍ من أحكام النَّسب ثبوتُ حكمٍ آخر.

ويدلُّ على هذا أيضًا أنَّه سبحانه لم يجعل أمَّ الرَّضاع وأخت الرَّضاعة داخلةً تحت أمَّهاتنا وأخواتنا، فإنَّه سبحانه قال: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ


(١) «ولا ابنه من الرضاعة» ساقطة من د.
(٢) كذا في النسخ. وفي المطبوع: «فرعها».