للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وثبت في «الصَّحيحين» (١) عن عقبة بن الحارث: أنَّه تزوَّج أم يحيى بنت أبي إهاب، فجاءت أمةٌ سوداء، فقالت: قد أرضعتُكما، فذُكِر ذلك للنَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (٢)، فقال: «كيف وقد زعمتْ أن قد أرضعتْكما؟» (٣) ولم يسأل عن عدد الرَّضاع.

قالوا: ولأنَّه فعلٌ يتعلَّق به التَّحريم، فاستوى قليله وكثيره، كالوطء الموجب له. قالوا: ولأنَّ إنشار (٤) العظم وإنبات اللَّحم يحصل بقليله وكثيره. قالوا: ولأنَّ أصحاب العدد قد اختلفت أقوالهم في الرَّضعة وحقيقتها، واضطربت أشدَّ الاضطراب، وما كان هكذا لم يجعله الشَّارع نصابًا، لعدم ضبطه والعلم به.

قال أصحاب الثَّلاث: قد ثبت عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: «لا تُحرِّم المصَّة والمصَّتان»، وعن أم الفضل بنت الحارث قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لا تُحرِّم الإملاجة والإملاجتان». وفي حديثٍ آخر أنَّ رجلًا قال: يا رسول الله هل تُحرِّم الرَّضعة الواحدة؟ قال: «لا». وهذه أحاديث صحيحةٌ صريحةٌ، رواها مسلم في «صحيحه» (٥)، فلا يجوز العدول عنها، فأثبتنا التَّحريم بالثَّلاث


(١) البخاري (٥٣١٨)، ولم يخرجه مسلم.
(٢) في المطبوع بعدها: «فأعرض عني، قال: فتنحيت فذكرت ذلك له»، وليست في النسخ.
(٣) بعدها في المطبوع: «فنهاه عنها» وليست في النسخ.
(٤) كذا في النسخ بالراء. وفي المطبوع: «إنشاز». والرواية التي فيها هذا اللفظ بالوجهين، تقدم تخريجها (ص ١٥٩).
(٥) تقدم تخريجها (ص ١٥٧ - ١٦٠).