للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثَّدي، وإنَّ له مُرضِعًا في الجنَّة تُتِمُّ رضاعَه» (١) , يعني إبراهيم ابنَه صلوات الله وسلامه عليه.

قالوا: وأكَّد ذلك بقوله: «لا رضاعَ إلا ما فَتَقَ الأمعاءَ, وكان في الثَّدي قبل الفِطام» (٢)، فهذه ثلاثة أوصافٍ للرَّضاع المحرِّم، ومعلومٌ أنَّ رضاع الشَّيخ الكبير عارٍ من الثَّلاثة.

قالوا: وأصرحُ من هذا حديث ابن عبَّاسٍ: «لا رضاعَ إلا ما كان في الحولين» (٣).

قالوا: وأكَّده أيضًا حديث ابن مسعودٍ: «لا يُحرِّم من الرَّضاع إلا ما أنبتَ اللَّحم وأنشَرَ العظمَ» (٤)، ورضاع الكبير لا يُنبِت لحمًا، ولا يُنشِر عظمًا.

قالوا: ولو كان رضاع الكبير محرِّمًا لما قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لعائشة وتغيَّر وجهه، وكره دخولَ أخيها من الرَّضاعة عليها لمَّا رآه كبيرًا، وقال: «انظُرْنَ مَنْ إخوانُكنُّ»، فلو حرَّم رضاع الكبير لم يكن فرقٌ بينه وبين الصَّغير، ولما كره ذلك وقال: «انظُرن مَن إخوانُكنَّ» ثمَّ قال: «فإنَّما الرَّضاعة من المجاعة» , وتحت هذا من المعنى خشيةُ أن يكون قد ارتضع في غير زمن الرَّضاع وهو زمن المجاعة، فلا ينشُر الحرمة، فلا يكون أخًا.


(١) أخرجه بنحوه مسلم (٢٣١٦).
(٢) تقدم تخريجه (ص ١٥٨).
(٣) تقدم تخريجه (ص ١٥٩).
(٤) تقدم تخريجه (ص ١٥٩).