للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأسلميَّة (١)، وكان هذا الحكم والفتوى منه مشتقًّا من كتاب اللَّه مطابقًا له.

فصل

النَّوع الثَّاني: عدَّة المطلَّقة الَّتي تحيض، وهي ثلاثة قروءٍ، كما قال تعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨].

النَّوع الثَّالث: عدَّة الَّتي لا حيضَ لها، وهي نوعان: صغيرةٌ لم تَحِضْ، وكبيرةٌ قد يئستْ من الحيض. فبيَّن سبحانه عدَّةَ النَّوعين بقوله: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: ٤]، أي: فعدَّتهنَّ كذلك.

النَّوع الرَّابع: المتوفَّى عنها زوجُها، فبيَّن عدَّتها ــ سبحانه ــ بقوله: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: ٢٣٤]، فهذا يتناول المدخولَ بها وغيرَها، والصَّغيرةَ والكبيرةَ. ولا تدخل فيه الحامل؛ لأنَّها خرجت بقوله: {وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ}، فجعل وضْعَ حملهنَّ جميعَ أجلهنَّ، وحَصَرَه فيه، بخلاف قوله في المتوفَّى عنهنَّ: {يَتَرَبَّصْنَ}، فإنَّه فعلٌ مطلقٌ لا عمومَ له. وأيضًا فإنَّ قوله: {أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} متأخِّرٌ في النُّزول عن قوله: {يَتَرَبَّصْنَ}. وأيضًا فإنَّ قوله: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} في غير الحامل بالاتِّفاق، فإنَّها لو تَمادى حملُها فوق ذلك تربَّصَتْه، فعمومها مخصوصٌ اتِّفاقًا، وقوله: {أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} غير مخصوصٍ بالاتِّفاق. هذا لو لم تأتِ السُّنَّة الصَّحيحة بذلك،


(١) سيأتي تخريجه (ص ٢١٥).