للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أمَّا بطلان وضعه لبعض الطُّهر، فلأنَّه يلزم أن يكون الطُّهر الواحد عدَّة أقراءٍ، ويكون استعمال لفظ القَرء فيه مجازًا.

وأمَّا بطلان الاشتراك المعنويِّ فمن وجهين:

أحدهما: أنَّه يلزم أن يصدق على الطُّهر الواحد أنَّه عدَّة أقراءٍ حقيقةً.

والثَّاني: أنَّ نظيره ــ وهو الحيض ــ لا يُسمَّى جزؤه قَرءًا اتِّفاقًا، ووضعُ القرء لهما لغةً لا يختلف، وهذا لا خفاء به.

فإن قيل: نختار من هذه الأقسام أن يكون مشتركًا بين كلِّه وجزئه اشتراكًا لفظيًّا، ويُحمَل المشترك على معنييه، فإنَّه أحفظ، وبه تحصل البراءة بيقينٍ.

قيل: الجواب من وجهين:

أحدهما: أنَّه لا يصحُّ اشتراكه كما تقدَّم.

الثَّاني: أنَّه لو صحَّ اشتراكه لم يجُزْ حملُه على مجموع معنييه. أمَّا على قول من لا يُجوِّز حملَ المشترك على معنييه، فظاهرٌ. وأمَّا من يُجوِّز حملَه عليهما، فإنَّما (١) يُجوِّزونه إذا دلَّ الدَّليل على إرادتهما معًا، فإذا لم يدلَّ الدَّليل وَقفوه حتَّى يقوم الدَّليل على إرادة أحدهما أو إرادتهما. وحكى المتأخِّرون (٢) عن الشَّافعيِّ والقاضي أبي بكر: أنَّه إذا تجرَّد عن القرائن وجب حملُه على معنييه كالاسم العامِّ؛ لأنَّه أحوط، إذ ليس أحدهما أولى به


(١) م، ح، ص، د، ز: «فإنهما».
(٢) انظر تحرير النقل عن الشافعي والقاضي في هذه المسألة في «البحر المحيط» (٢/ ١٣٤).