للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تسمية إحدى القبيلتين الشَّيء باسمٍ، وتسمية الأخرى بذلك الاسم مسمًّى آخر، ثمَّ تشيع الاستعمالات. بل قال المبرِّد وغيره: لا يقع الاشتراك في اللُّغة إلا بهذا الوجه خاصَّةً، والواضع لم يضع لفظًا مشتركًا البتَّةَ. فإذا ثبت استعمال الشَّارع لفظ القروء في الحيض عُلِم أنَّ هذا لغته، فيتعيَّن حمله على ما في كلامه.

ويُوضِّح ذلك ما في سياق الآية من قوله: {وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨]، وهذا هو الحيض والحمل (١) عند عامَّة المفسِّرين، والمخلوق في الرَّحم إنَّما هو حيض (٢) الوجوديّ، ولهذا قال السَّلف والخلف: هو الحمل والحيض (٣)، وقال بعضهم: الحمل (٤)، وبعضهم: الحيض (٥)، ولم يقل أحدٌ قطُّ: إنَّه الطُّهر؛ ولهذا لم ينقله من عُنِي بجمع أقوال أهل التَّفسير، كابن الجوزيِّ وغيره (٦).

وأيضًا فقد قال سبحانه: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: ٤]، فجعل كلَّ شهرٍ


(١) م، ح: «والحل». ز: «والحبل».
(٢) كذا في النسخ. وفي المطبوع: «الحيض».
(٣) منهم ابن عمر، ومجاهد. ينظر: «تفسير ابن جرير» (٤/ ١٠٧).
(٤) منهم عمر، وابن عباس، ومجاهد، وقتادة، ومقاتل. ينظر: «تفسير ابن جرير» (٤/ ٥٢٠)، و «زاد المسير» (١/ ١٩٩).
(٥) منهم عكرمة، وإبراهيم النخعي. ينظر: «تفسير ابن جرير» (٤/ ١٠٦).
(٦) ينظر: «جامع البيان» لابن جرير (٤/ ١٠٥)، و «زاد المسير» لابن الجوزي (١/ ١٩٨).