للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الشَّافعيُّ (١): قال الله تبارك وتعالى: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨]، فالأقراء عندنا ــ والله أعلم ــ الأطهار، فإن قال قائلٌ: ما دلَّ على أنَّها الأطهار وقال غيركم: الحيض؟ قيل له: دلالتان، إحداهما (٢): الكتاب الذي دلَّ عليه السُّنَّة، والأخرى: اللِّسان. فإن قال: وما الكتاب؟ قيل: قال الله تبارك وتعالى: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} [الطلاق: ١]، وأخبرنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر: أنَّه طلَّق امرأته وهي حائضٌ في عهد النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، فسأل عمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «مُرْه فليراجِعْها، ثمَّ ليمسِكْها حتَّى تطهر، ثمَّ تحيض، ثمَّ تطهر، ثمَّ إن شاء أمسك بعدُ وإن شاء طلَّقَ قبلَ أن يَمسَّ، فتلك العدَّة الَّتي أمر الله أن يُطلَّق لها النِّساء» (٣).

أخبرنا مسلم وسعيد بن سالمٍ، عن ابن جريجٍ، عن أبي الزبير: أنَّه سمع ابن عمر يذكر طلاق امرأته حائضًا، فقال: قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «إذا طهُرتْ فلتُطلَّقْ أو تُمسَكْ»، وتلا النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: (إذا طلَّقتم النِّساء فطلِّقوهنَّ لِقُبُلِ ــ أو: في قُبُلِ ــ عدَّتهنَّ) (٤). قال الشَّافعيُّ: أنا شككتُ.

فأخبر (٥) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الله جلَّ ثناؤه: أنَّ العدَّة الطُّهر دون الحيض،


(١) في «الأم» (٦/ ٥٢٩ - ٥٣١). وبعضها في «معرفة السنن والآثار» (١١/ ١٨٢ - ١٨٤) كما نبَّهتُ عليه في التعليق.
(٢) م، ص، د، ز: «أحدهما». وفي «الأم»: «أولهما».
(٣) وأخرجه البخاري (٥٢٥١)، ومسلم (١٤٧١) كلاهما من طريق مالك (١٦٨٣) به.
(٤) وهي قراءة ابن عمر. انظر: «موطأ مالك» (١٧٢٠) و «مسند أحمد» (٥٢٦٩).
(٥) د، ص: «فاخبار».