للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقرأ: (فطلِّقوهنَّ لِقُبُل عدَّتهنَّ)، وهو أن يطلِّقها طاهرًا؛ لأنَّها حينئذٍ تستقبل عدَّتها، ولو طُلِّقت حائضًا لم تكن مستقبلةً عدَّتها إلا بعد الحيض.

فإن قال: فما اللِّسان؟ قيل: القرء: اسمٌ وُضِع لمعنًى، فلمَّا كان الحيض دمًا يُرخِيه الرَّحِمُ فيخرج، والطُّهر دمًا يحتبس فلا يخرج، وكان معروفًا من لسان العرب أنَّ القرء الحبس. تقول العرب: هو يَقْرِي الماءَ في حوضه وفي سِقائه. وتقول العرب: يَقْرِي الطَّعامَ في شِدْقه، يعني: يحبس الطعام في شدقه. وتقول العرب إذا حبس الرَّجلُ الشَّيء: قَرأه، يعني: خَبَأه (١).

قال الشَّافعيُّ: أخبرنا مالك (٢)، عن ابن شهابٍ، عن عروة، عن عائشة أنَّها انتقلت حفصة بنت عبد الرحمن حين دخلت في الدَّم من الحيضة الثَّالثة. قال ابن شهابٍ: فذكرتُ ذلك لعمرة بنت عبد الرحمن، فقالت: صدق عروة. وقد جادلها (٣) في ذلك ناسٌ فقالوا: إنَّ الله يقول: {ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ}، فقالت عائشة: صدقتم، وهل تدري ما الأقراء؟ الأقراء: الأطهار.

أخبرنا مالك (٤)، عن ابن شهابٍ قال: سمعت أبا بكر بن عبد الرَّحمن


(١) «وتقول العرب: إذا ... خبأه» ليست في «الأم». وهذه الزيادة في رواية حرملة، ينظر: «معرفة السنن والآثار» (١١/ ١٨٠). وفيه وفي المطبوع بعدها: «وقال عمر بن الخطَّاب - رضي الله عنه -: تقري في صحافها، أي: تحبس في صحافها». وليست في النسخ.
(٢) في «الموطأ» (١٦٨٤)، وأخرجه البيهقي من طريق الشافعي في «السنن الكبرى» (٧/ ٦٨١)، وقد تقدم تخريجه (ص ٢٢٠).
(٣) م، ح، ص: «حاولها»، تحريف.
(٤) في «الموطأ» (١٦٨٥).