للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثَّاني: أنَّ العرب (١) تُوقِع اسمَ الجمع على اثنين وبعض الثَّالث، كقوله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ} [البقرة: ١٩٧]، فإنَّها شوَّالٌ، وذو القعدة، وعشرٌ من ذي الحجَّة أو تسعٌ أو ثلاثة عشر. ويقولون: لفلانٍ ثلاثَ عشرة سنةً، إذا دخل في السَّنة الثَّالثة عشر (٢). وإذا كان هذا معروفًا في لغتهم، وقد دلَّ الدَّليل عليه، وجب المصير إليه.

وأمَّا قولكم: إنَّ استعمال القرء في الحيض أظهر منه في الطُّهر، فمُقابَلٌ بقول منازعيكم.

قولكم: إنَّ أهل اللُّغة يُصدِّرون كتبهم بأنَّ القرء هي الحيض، فيذكرونه تفسيرًا للّفظ، ثمَّ يُردِفونه بقولهم: وقيل، أو: وقال بعضهم: هو الطُّهر.

قلنا: أهل اللُّغة يحكون أنَّ له مسمَّيينِ في اللُّغة، ويُصرِّحون بأنَّه يقال على هذا وعلى هذا، ومنهم من يجعله في الحيض أظهر، ومنهم من يحكي إطلاقه عليهما من غير ترجيح. فالجوهري رجَّح الحيض. والشَّافعيُّ من أئمَّة اللُّغة، وقد رجَّح أنَّه الطُّهر. وقال أبو عبيد: القرء يصلح للحيض والطهر. وقال الزَّجَّاج (٣): أخبرني من أثق به عن يونس أنَّ القرء عنده يصلح للحيض والطهر. وقال أبو عمرو بن العلاء: القرء الوقت، وهو يصلح للحيض ويصلح للطُّهر. وإذا كانت هذه نصوص أهل اللُّغة، فكيف يحتجُّون بقولهم: إنَّ الأقراء الحيض؟


(١) في النسخ: «العدة»، تحريف.
(٢) كذا في النسخ. والجادة تأنيث الجزئين في الصفة.
(٣) في «معاني القرآن» (١/ ٣٠٤).