للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قولكم: الدَّم شرطٌ للتَّسمية كالكأس والقلم وغيرهما من الألفاظ المذكورة بنظرٍ (١) فاسدٍ، فإنَّ مسمَّى تلك الألفاظ حقيقةٌ واحدةٌ بشروطٍ، والقرء مشتركٌ بين الطُّهر والحيض يقال على كلٍّ منهما حقيقةً، فالحيض مسمَّاه حقيقةً لا أنَّه شرطٌ في استعماله في أحد مسمَّيَيْه، فافترقا.

قولكم: لم يجئ في لسان الشَّارع للحيض.

قلنا: قد بيَّنَّا مجيئه في كلامه للحيض، بل لم يجئ في كلامه للطُّهر البتَّةَ في موضعٍ واحدٍ، وقد تقدَّم أنَّ سفيان بن عيينة روى عن أيوب (٢) عن سليمان بن يسارٍ عن أم سلمة عن النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - في المستحاضة: «تَدَعُ الصَّلاة أيَّامَ أقرائِها».

قولكم: إنَّ الشَّافعيَّ قال: ما حدَّث بهذا سفيان قطُّ.

جوابه: أنَّ الشَّافعيَّ لم يسمع سفيان يحدِّث به، فقال بموجب ما سمعه من سفيان، أو عنه من قوله: «لِتنظُرْ عددَ اللَّيالي والأيَّام الَّتي كانت تحيضهنَّ من الشَّهر»، وقد سمعه من سفيان من لا يُستَراب بحفظه وصدقه وعدالته. وثبت في «السُّنن» (٣) من حديث فاطمة بنت أبي حُبَيش أنَّها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشكتْ إليه الدَّم، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّما ذلك عِرْقٌ، فانظري فإذا


(١) في المطبوع: «تنظير» خلاف النسخ.
(٢) في د بعدها: «السختياني».
(٣) أبو داود (٢٨٠)، والنسائي (٢١١)، وابن ماجه (٦٢٠). وأخرجه أحمد (٢٧٣٦٠)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (١/ ٤٩١)، وفي إسناده المنذر بن المغيرة، جهَّله أبو حاتم، وقال ابن حجر في التقريب (٦٨٩١): «مقبول». وله شواهد، وصححه الألباني في «صحيح أبي داود» (٢/ ٣٨).