للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أتى قرؤك فلا تصلِّي، وإذا مرَّ قرؤك فتطهَّري، ثمَّ صلِّي ما بين القرء إلى القرء». رواه أبو داود، وإسناده صحيحٌ. فذكر فيه لفظ القرء أربع مرَّاتٍ، في كلِّ ذلك يريد به الحيض لا الطُّهر. وكذلك إسناد الذي قبله، وقد صحَّحه جماعةٌ من الحفَّاظ.

وأمَّا حديث سفيان الذي قال فيه: «لِتنظُرْ عدد اللَّيالي والأيَّام الَّتي كانت تحيضهنَّ من الشَّهر»، فلا تعارضَ بينه وبين اللَّفظ الذي احتججنا به بوجهٍ ما حتَّى يُطلَب ترجيح أحدهما على الآخر، بل أحد اللَّفظين يجري من الآخر مجرى التَّفسير والبيان، وهذا يدلُّ على أنَّ القرء اسمٌ لتلك اللَّيالي والأيَّام، فإنَّه إن كانا جميعًا لفظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ــ وهو الظَّاهر ــ فظاهرٌ، وإن كان قد رُوِي بالمعنى فلولا أنَّ معنى أحد اللَّفظين معنى الآخر لغةً وشرعًا لم يحلَّ للرَّاوي أن يُبدل لفظَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما لا يقوم مقامه، أو لا يَسُوغ له أن يُبدِل اللَّفظ بما يوافق مذهبه، ولا يكون مرادفًا للفظ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لا سيَّما والرَّاوي لذلك مَن (١) لا يُدفع عن الإمامة والعدالة (٢) والصِّدق والورع (٣)، وهو أيُّوب السَّختيانيُّ، وهو أجلُّ من نافع وأعلمُ.


(١) ص، د: «ما».
(٢) «والعدالة» ليست في المطبوع.
(٣) «والورع» ليست في ز.