للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي «سننه» (١) أيضًا: عن فاطمة بنت أبي حُبَيش أنها سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فشكتْ إليه الدَّم، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنَّما ذلكِ عِرْقٌ، فانظري فإذا أتى قرؤكِ فلا تُصلِّي، فإذا مَرَّ قرؤكِ فتَطهَّري، ثمَّ صلِّي ما بين القرء إلى القرء». وقد تقدَّم.

قال أبو داود (٢): وروى قتادة، عن عروة، عن زينب، عن أم سلمة أنَّ أم حبيبة بنت جحش استُحِيضَتْ، فأمرها النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - أن تَدَعَ الصَّلاة أيَّام أقرائها.

وتعليل هذه الأحاديث بأنَّ هذا من تغيير الرُّواة رووه بالمعنى لا يُلتَفت إليه، ولا يُعرَّج عليه، فلو كانت من جانبِ مَن علَّلها لأعاد ذكرها وأبداه، وشنَّع على من خالفها.

وأمَّا قولكم: إنَّ الله سبحانه جعل اليأس من الحيض شرطًا في الاعتداد بالأشهر، فمن أين يلزم أن تكون القروء هي الحيض؟

قلنا: لأنَّه جعل الأشهر الثَّلاثة بدلًا عن الأقراء الثَّلاثة، وقال: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ} [الطلاق: ٤]، فنقلَهنَّ إلى الأشهر عند تعذُّرِ مُبدَلهنَّ وهو الحيض، فدلَّ على أنَّ الأشهر بدلٌ عن الحيض الذي يئسن منه، لا عن الطُّهر، وهذا واضحٌ.

قولكم: حديث عائشة معلولٌ بمُظاهر بن أسلم ومخالفة عائشة له، فنحن إنَّما احتججنا عليكم بما استدللتم به علينا في كون الطَّلاق بالنِّساء لا بالرِّجال، فكلُّ من صنَّف من أصحابكم في طريق الخلاف، أو استدلَّ على أنَّ


(١) برقم (٢٨٠). وتقدم تخريجه (ص ٢٨٧).
(٢) عقب (٢٨١).