للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} [البقرة: ٢٢٨ - ٢٢٩]. وهذا في حقِّ الحرائر دون الإماء، فإنَّ افتداء الأمة إلى سيِّدها لا إليها. ثمَّ قال: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا} [البقرة: ٢٣٠]، فجعل ذلك إليهما، والتَّراجع (١) المذكور في حقِّ الأمة ــ وهو العقد ــ إنَّما هو إلى سيِّدها لا إليها، بخلاف الحرَّة فإنَّه إليها بإذن وليِّها.

وكذلك قوله سبحانه في عدَّة الوفاة: {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: ٢٣٤]، وهذا إنَّما هو في حقِّ الحرَّة، وأمَّا الأمة فلا فِعْلَ لها في نفسها البتَّةَ. فهذا في العدَّة الأصليَّة، وأمَّا عدَّة الأشهر ففرعٌ وبدلٌ.

وأمَّا عدَّة وضع الحمل فيستويان فيها، كما ذهب إليه أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والتَّابعون وعمِلَ به المسلمون، وهو محضُ الفقه، وموافقٌ لكتاب الله في تنصيف الحدِّ عليها، ولا يُعرف في الصَّحابة مخالفٌ في ذلك، وفهمُ أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الله أولى من فهمِ من شذَّ عنهم من المتأخِّرين، وباللَّه التَّوفيق.

ولا تُعرف التَّسوية بين الحرَّة والأمة في العدَّة عن أحدٍ من السَّلف إلا عن محمَّد بن سيرين ومكحول. فأمَّا ابن سيرين فلم يجزم بذلك، وأخبر به عن رأيه، وعلَّق القولَ به على (٢) عدمِ سنَّةٍ تُتَّبع. وأمَّا قول مكحول فلم يذكر


(١) م، ص، ز، د: «والراجع».
(٢) ز، ح: «عن».