للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن المعلوم أنَّ بين إبراهيم وعبد الله أئمَّةً ثقاتٍ، لم يُسمِّ قطُّ متَّهمًا ولا مجروحًا ولا مجهولًا، فشيوخه الذين أخذ عنهم عن عبد الله أئمَّةٌ أجلَّاء نُبلاء، وكانوا كما قيل: سُرُج الكوفة. وكلُّ من له ذوقٌ في الحديث إذا قال إبراهيم: «قال عبد الله» لم يتوقَّف في ثبوته عنه، وإن كان غيره ممَّن في طبقته لو قال: قال عبد الله، لا يحصُلُ لنا الثَّبتُ بقوله. فإبراهيم عن عبد الله نظير ابن المسيَّب عن عمر، ونظير مالك عن ابن عمر، فإنَّ الوسائط بين هؤلاء وبين الصَّحابة إذا سَمَّوهم وجدوا من أجلِّ النَّاس وأوثقهم وأصدقهم، ولا يسمُّون سواهم البتَّةَ.

ودَعِ ابنَ مسعودٍ في هذه المسألة، فكيف يُخالَف عمر وزيد وابن عمر وهم أعلم بكتاب الله وسنَّة رسوله، ويُخالَف عمل المسلمين، لا إلى قول صاحبٍ البتَّةَ، ولا إلى حديثٍ صحيحٍ ولا حسنٍ، بل إلى عمومٍ أمرُه ظاهرٌ عند جميع الأمَّة، ليس هو ممَّا تخفى دلالته ولا موضعه حتَّى يَظْفَر به الواحد والاثنان دون سائر النَّاس؟ هذا من أبينِ المحال. ولو ذهبنا نذكر الآثار عن التَّابعين بتنصيف عدَّة الأمة لطالت جدًّا.

ثمَّ إذا تأمَّلتَ سياقةَ الآيات الَّتي فيها ذكرُ العِدَد وجدتَها لا تتناول الإماء، وإنَّما تتناول الحرائر، فإنَّه سبحانه قال: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا} إلى أن قال: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا