للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨].

ولم يقف شيخ الإسلام على هذا القول، وعلَّق تسويغه على ثبوت الخلاف فقال (١): إن كان فيه نزاعٌ كان القول بأنَّه ليس عليها ولا على المُعتَقة المخيَّرة إلا الاستبراء قولًا متوجِّهًا. ثمَّ قال: ولازم هذا القول أنَّ الآيسة لا تحتاج إلى عدَّةٍ بعد الطَّلقة الثَّالثة. قال: وهذا لا نعلم أحدًا قاله.

قد ذكر الخلاف أبو الحسين فقال: مسألةٌ: إذا طلَّق الرَّجل زوجته ثلاثًا وكانت ممَّن لا تحيض لصغرٍ أو هرمٍ، فعدَّتها ثلاثة أشهرٍ، خلافًا لابن اللبّان أن لا عدَّة عليها. دليلنا: قوله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ} [الطلاق: ٤].

قال شيخنا: وإذا مضت السُّنَّة بأنَّ على هذه ثلاثةَ أقراءٍ لم يجزْ مخالفتها ولو لم يُجمَع عليها، فكيف إذا كان مع السُّنَّة إجماعٌ؟

قال: وقوله - صلى الله عليه وسلم - لفاطمة بنت قيس: «اعتدِّي» (٢) قد فهم منه العلماء أنَّها تعتدُّ ثلاثة قروءٍ، فإنَّ مع (٣) الاستبراء قد تُسمَّى عدَّةً.

قلت: كما في حديث أبي سعيد في سبايا أَوطاسٍ (٤) أنَّه فسَّر قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٢٤] بالسَّبايا، ثمَّ قال: «أي (٥) فهنَّ لكم


(١) لم أجد هذا النص وما بعده في كتبه المطبوعة.
(٢) تقدم تخريجه (ص ١٢٤).
(٣) «مع» ليست في المطبوع، وهي ثابتة في النسخ.
(٤) أخرجه مسلم (١٤٥٦) وغيره.
(٥) في النسخ: «إن». والتصويب من «صحيح مسلم».