للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: فهل الإسكان حقٌّ على الورثة تُقدَّم الزَّوجةُ به على الغرماء وعلى الميراث، أم لا حقَّ لها في التَّركة سوى الميراث؟

قيل: هذا موضع اختُلِف فيه:

فقال الإمام أحمد: إن كانت حائلًا (١) فلا سُكنى لها في التَّركة، ولكن عليها ملازمة المنزل إذا بُذِل لها كما تقدَّم، وإن كانت حاملًا ففيه روايتان: إحداهما: أنَّ الحكم كذلك. والثَّاني: أنَّ لها السُّكنى حقٌّ ثابتٌ في المال، تُقدَّم به على الورثة والغرماء، ويكون من رأس المال، ولا تباع الدَّار في دَيْنه بيعًا يمنعها سكناها حتَّى تنقضي عدَّتها. وإن تعذَّر ذلك فعلى الوارث أن يكتري لها مسكنًا من مال الميِّت، فإن لم يفعل أجبره الحاكم، وليس لها أن تنتقل عنه إلا لضرورةٍ. وإن اتَّفق الوارث والمرأة على نقلها عنه لم يجز، لأنَّه يتعلَّق بهذه السُّكنى حقُّ الله تعالى (٢)،لأنَّها وجبت من حقوق العدَّة، والعدَّة فيها حقٌّ لله تعالى، فلم يجز اتِّفاقهما على إبطالها، بخلاف سكنى النِّكاح فإنَّها حقٌّ للزوجين. والصَّحيح المنصوص أنَّ سكنى الرَّجعيَّة كذلك، لا يجوز اتِّفاقهما على إبطالها، هذا مقتضى نصِّ الأئمة (٣)، وهو منصوص أحمد.

وعنه روايةٌ ثالثةٌ: أنَّ للمتوفَّى عنها السُّكنى بكلِّ حالٍ، حاملًا كانت أو حائلًا. فصار في مذهبه ثلاث رواياتٍ: وجوبها للحامل والحائل، وإسقاطها


(١) أي غير حامل.
(٢) بعدها في المطبوع: «فلم يجز اتفاقهما على إبطالها، بخلاف سكنى النكاح، فإنها حق لله تعالى، لأنها وجبت من حقوق العدة، والعدة فيها حق للزوجين». وفيه تقديم وتأخير أفسد المعنى.
(٣) في المطبوع: «الآية» خلاف النسخ.