للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو عمر بن عبد البرِّ (١): أمَّا السُّنَّة فثابتةٌ بحمد اللَّه، وأمَّا الإجماع فمستغنًى عنه مع السُّنَّة؛ لأنَّ الاختلاف إذا نزل في مسألةٍ كانت الحجَّة في قول مَن وافقته السُّنَّة.

وقال عبد الرزاق (٢): أخبرنا معمر، عن الزُّهريِّ قال: أخذ المترخِّصون في المتوفَّى عنها بقول عائشة، وأخذ أهل العزم والورع بقول ابن عمر.

فإن قيل: فهل ملازمةُ المنزل حقٌّ لها، أو حقٌّ عليها؟

قيل: بل هو حقٌّ عليها إذا تركه لها الورثة ولم يكن عليها فيه ضررٌ، أو كان المسكن لها، فلو حوَّلها الوارث أو طلبوا منها الأجرة لم يلزمها السَّكن وجاز لها التَّحوُّل.

ثمَّ اختلف أصحاب هذا القول: هل لها أن تتحوَّل حيث شاءت، أو يلزمها التَّحوُّل إلى أقرب المساكن إلى مسكن الوفاة؟ على قولين.

فإن خافت هَدْمًا أو غَرَقًا أو عدوًّا أو نحو ذلك، أو حوَّلها صاحب المنزل لكونه عاريةً رجع فيها، أو بإجارةٍ انقضت مدَّتها، أو منعها السُّكنى تعدِّيًا، أو امتنع من إجارته، أو طلب به أكثر من أَجْرِ المثل، أو لم يجد ما يكتري به، أو لم يجد إلا من مالها= فلها أن تنتقل، لأنَّها حال عذرٍ، ولا يَلزمُها بذلُ أجرِ المسكن، وإنَّما الواجب عليها فعلُ السُّكنى لا تحصيل المسكن، وإذا تعذَّرت السُّكنى سقطت. هذا قول أصحاب أحمد والشَّافعيِّ.


(١) في «التمهيد» (٢١/ ٣١).
(٢) في «المصنف» (١٢٠٨٠).