مجاهد: استُشِهد رجالٌ يومَ أحدٍ، فجاء نساؤهم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلن: إنَّا نستوحش يا رسول الله باللَّيل فنبيت عند إحدانا، حتَّى إذا أصبحنا تبدَّدنا في بيوتنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «تحدَّثنَ عند إحداكنَّ ما بدا لكنَّ، فإذا أردتنَّ النَّومَ فلْتَؤُبْ كلُّ امرأةٍ إلى بيتها».
وهذا وإن كان مرسلًا فالظَّاهر أنَّ مجاهدًا إمَّا أن يكون سمعه من تابعيٍّ ثقةٍ أو من صحابيٍّ، والتَّابعون لم يكن الكذب معروفًا فيهم، وهم ثاني القرون المفضَّلة، وقد شاهدوا أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخذوا العلم عنهم، وهم خير الأمَّة بعدهم، فلا يُظَنُّ بهم الكذبُ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا الرِّوايةُ عن الكذَّابين، ولا سيَّما العالم منهم إذا جزم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالرِّواية وشهد عليه بالحديث فقال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأمر ونهى، فيبعُدُ كلَّ البعد أن يُقدِم على ذلك مع كون الواسطة بينه وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كذَّابًا أو مجهولًا. وهذا بخلاف مراسيلِ مَن بعدهم، وكلَّما تأخَّرت القرون ساء الظَّنُّ بالمراسيل ولم يُشهَد بها على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. وبالجملة فليس الاعتماد على هذا المرسل وحده، وباللَّه التَّوفيق.