للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومخرجه. والنَّظر يشهد لذلك؛ لأنَّ المضطرَّ إلى شيءٍ لا يُحكم له بحكم المرفَّه المتزيِّن، وليس الدَّواء والتَّداوي من الزِّينة في شيءٍ، وإنَّما نُهِيت الحادُّ (١) عن الزِّينة لا عن التَّداوي، وأم سلمة أعلمُ بما روت مع صحَّته في النَّظر، وعليه أهل الفقه، وبه قال مالك والشَّافعيُّ وأكثر الفقهاء.

وقد ذكر مالك في «موطَّئه» (٢) أنَّه بلغه عن سالم بن عبد الله وسليمان بن يسارٍ أنَّهما كانا يقولان في المرأة يُتوفَّى عنها زوجها: إنَّها إذا خشيت على بصرها من رَمَدٍ بعينيها، أو شكوى أصابتها، أنَّها تكتحل وتتداوى بالكحل وإن كان فيه طيبٌ.

قال أبو عمر (٣): لأنَّ القصد إلى التَّداوي لا إلى التَّطيُّب، والأعمال بالنِّيَّات. وقال الشَّافعيُّ: الصَّبِر يُصفِّر فيكون زينةً، وليس بطيبٍ، وهو كحل الجِلاء، فأذنتْ فيه أم سلمة للمرأة باللَّيل حيث لا تُرى، وتمسحه بالنَّهار حيث تُرى، وكذلك ما أشبهه.

وقال أبو محمد بن قدامة في «المغني» (٤): وإنَّما تُمنع الحادُّ من الكحل بالإثمد لأنَّه الذي تحصل به الزِّينة، فأمَّا الكحل بالتُّوتيا (٥) والعَنْزَرُوت (٦)


(١) «الحادّ» مثل الحائض بدون الهاء في جميع النسخ. وفي المطبوع: «الحادة».
(٢) برقم (١٧٥٢).
(٣) في «التمهيد» (١٧/ ٣٢٠).
(٤) (١١/ ٢٨٨).
(٥) التوتيا تكون في المعادن، منها بيضاء، ومنها إلى الخضرة، ومنها إلى الخضرة مُشرب بحمرة، وهي جيدة لتقوية العين.
(٦) هو صمغ شجرة شبيهة بالكندر، صغيرة الحصا، في طعمه مرارة، ولونه إلى الحمرة، تقطع الرطوبة السائلة في العين.