للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكون تحقَّقَ براءةَ رحمِها بحيث أغناه عن الاستبراء.

وإذا تأمَّلتَ قول النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - حقَّ التَّأمُّل وجدتَ قوله: «لا تُوطأ حاملٌ حتَّى تضع، ولا غيرُ ذاتِ حملٍ حتى تحيض»، ظهر لك منه أنَّ المراد بغير ذات الحمل من يجوز أن تكون حاملًا وأن لا تكون، فيُمسِك عن وطئها مخافةَ الحمل، لأنَّه لا علم له بما اشتمل عليه رحمها، وهذا قاله في المَسْبِيَّات لعدم علم السَّابي بحالهنَّ.

وعلى هذا فكلُّ من ملك أمةً لا يعلم حالها قبل الملك، هل اشتمل رَحِمُها على حملٍ أم لا؟ لم يطأها حتَّى يستبرئها بحيضةٍ. هذا أمرٌ معقولٌ، وليس بتعبد محضٍ لا معنى له، فلا معنى لاستبراء العذراء والصَّغيرة الَّتي لا يحمل مثلها، والَّتي اشتراها من امرأته وهي في بيته لا تخرج أصلًا، ونحوها ممَّن يعلم براءة رحمها. وكذلك إذا زنت المرأة فأرادت أن تتزوَّج استبرأت (١) بحيضةٍ ثمَّ تزوَّجت، وكذلك إذا زنت وهي مزوَّجةٌ أمسك زوجها عنها حتَّى تحيض حيضةً، وكذلك أمُّ الولد إذا مات عنها سيِّدها، اعتدَّت بحيضةٍ.

قال عبد الله بن أحمد (٢): سألت أبي، كم عدَّة أمِّ الولد إذا توفِّي عنها مولاها أو أعتقها؟ قال: عدَّتها حيضةٌ، وإنَّما هي أمةٌ في كلِّ أحوالها، إن جَنَتْ فعلى سيِّدها قيمتها، وإن جُنِي عليها فعلى الجاني ما نقص من قيمتها، وإن ماتت فما تركت من شيءٍ فلسيِّدها، وإن أصابت حدًّا فحدُّ أمةٍ، وإن زوَّجها سيِّدها فما ولدت فهم بمنزلتها يَعتِقون بعتقها، ويَرِقُّون برقِّها.


(١) في المطبوع: «استبرأها» خلاف النسخ.
(٢) «مسائله» (ص ٣٦٩).