للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإن قيل: فعمومه يقتضي تحريم وطء أبكارهنَّ قبل الاستبراء، كما يمنع وطء الثَّيِّب؟

قيل: نعم، وغايته أنَّه (١) عمومٌ أو إطلاقٌ ظهر القصد منه، فيُخَصُّ أو يُقيَّد عند انتفاء موجب الاستبراء، ويُخَصُّ أيضًا بمفهوم قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث رُوَيفِع: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا ينكح ثيِّبًا من السَّبايا حتَّى تحيض» (٢)، ويُخَصُّ أيضًا بمذهب الصَّحابيِّ، ولا يُعلَم له مخالفٌ.

وفي «صحيح البخاريِّ» (٣) من حديث بُريدة قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عليًّا إلى خالد ــ يعني باليمن (٤) ــ ليقبض الخُمس، فاصطفى عليٌّ منها صبيَّةً (٥)، فأصبح وقد اغتسل، فقلت لخالد: أما ترى إلى هذا؟ وفي روايةٍ (٦): فقال خالد لبريدة: ألا ترى ما صنع هذا؟ قال بريدة: وكنت أُبغِض عليًّا، فلمَّا قدمنا إلى النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ذكرت له ذلك، فقال: «يا بريدة، أتبغض عليًّا؟»، قلت: نعم، قال: «لا تُبغِضْه، فإنَّ له في الخمسِ أكثرَ من ذلك».

فهذه الجارية إمَّا أن تكون بِكرًا فلم يرَ عليٌّ وجوب استبرائها، وإمَّا أن تكون في آخر حيضها، فاكتفى بالحيضة قبلَ تملُّكه لها. وبكلِّ حالٍ، فلا بدَّ أن


(١) «أنه» ليست في د.
(٢) تقدم تخريجه (ص ٣٧٣).
(٣) برقم (٤٣٥٠).
(٤) في المطبوع: «باليمين»، تحريف.
(٥) كذا في جميع النسخ. وليس هذا اللفظ عند البخاري. وذكر الحافظ في «الفتح» (٨/ ٦٦) أن في رواية للإسماعيلي: «سبيئة» أي جارية من السبي.
(٦) للإسماعيلي كما ذكر الحافظ في «الفتح».