للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال غيره (١): المعنى: كيف يُورِّثه على أنَّه ابنه؟ ولا يحلُّ له ذلك لأنَّ الحمل من غيره، وهو بوطئه يريد أن يجعله منه، فيورِّثه ماله.

وهذا يردُّه (٢) أوَّلُ الحديث، وهو قوله: «كيف يستعبده؟»، أي: كيف يجعله عبدَه؟ وهذا إنَّما يدلُّ على المعنى الأوَّل.

وعلى القولين فهو صريحٌ في تحريم وطء الحامل من غيره، سواءٌ كان الحمل من زنًا أو من غيره، وأنَّ فاعل ذلك جديرٌ باللَّعن. بل قد صرَّح جماعةٌ من الفقهاء من أصحاب أحمد وغيرهم: بأنَّ الرَّجل إذا ملك زوجتَه الأمةَ لم يطأها حتَّى يستبرئها، خشيةَ أن تكون حاملًا منه في صلب النِّكاح، فيكون على ولده الولاءُ لموالي أمِّه، بخلاف ما عَلِقَتْ به في مِلكه فإنَّه لا ولاءَ عليه. وهذا كلُّه احتياطٌ لولده: هل هو صريح الحرِّيَّة لا ولاءَ عليه، أو عليه ولاءٌ؟ فكيف إذا كانت حاملًا من غيره؟

فصل

الحكم السَّادس: استنبط من قوله: «لا تُوطأ حاملٌ حتى تضعَ، ولا حائلٌ حتَّى تُستبرأ بحيضةٍ» أنَّ الحامل لا تحيض، وأنَّ ما تراه من الدَّم يكون دمَ فسادٍ بمنزلة الاستحاضة، تصوم معه وتصلِّي، وتطوف بالبيت، وتقرأ القرآن. وهذه مسألةٌ اختلف فيها الفقهاء:


(١) ذكره المنذري في «مختصر السنن» (ق ١٨٥ ب) وليس في المطبوع منه. كما ذكره القرطبي في «المفهم» (٤/ ١٧٢) والنووي في «شرح صحيح مسلم» (١٠/ ١٥).
(٢) انظر ردّ المؤلف عليه في «تهذيب السنن» (١/ ٤٥٩).