للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تزوَّجَ بها فوجدها حُبلى، وجلَدَها الحدَّ، وقضى لها بالصَّداق (١). وهذا صريحٌ في بطلان العقد على الحامل من الزِّنا.

وصحَّ عنه أنَّه مرَّ بامرأةٍ مُجِحٍّ على بابِ فُسطاطٍ فقال: «لعلَّ سيِّدها يريد أن يُلِمَّ بها؟»، قالوا: نعم. قال: «لقد هَممتُ أن ألعنَه لعنًا يدخل معه قبره، كيف يَستخدِمه وهو لا يحلُّ له؟ كيف يُورِّثه وهو لا يحلُّ له؟» (٢). فجعلَ سببَ همِّه بلعنته وَطْأَه للأمة الحامل، ولم يَستفصل عن حَمْلِها هل هو لاحقٌ بالواطئ أم غير لاحقٍ به؟

وقوله: «كيف يستخدمه وهو لا يحلُّ له»، أن يجعله عبدًا له يستخدمه، وذلك لا يحلُّ له، فإنَّ ماء هذا الواطئ يزيد في خلق الحمل، فيكون بعضه منه، قال الإمام أحمد: يزيد وطؤه في سَمْعه وبصره.

وقوله: «كيف يُورِّثه وهو لا يحلُّ له»، سمعت شيخ الإسلام ابن تيميَّة (٣) يقول فيه (٤): أي كيف يجعله تركةً موروثةً عنه؟ فإنَّه يعتقده عبدَه، فيجعله تركةً تُورَث عنه، ولا يحلُّ له ذلك؛ لأنَّ ماءه زاد في خلقه، ففيه جزءٌ منه.


(١) أخرجه أبو داود (٢١٣١) والدارقطني (٣٦١٦) والحاكم (٢/ ١٨٤) والبيهقي (٧/ ١٥٧) من طريق صفوان بن سُليم عن سعيد بن المسيّب عن رجل من الأنصار. وفي بعض الروايات: يقال له بصرة. قال المؤلف في «تهذيب السنن» (١/ ٤٥١): هذا الحديث قد اضطُرب في سنده وحكمه، واسم الصحابي راويه. ثم تكلَّم على علله.
(٢) تقدم تخريجه (ص ٣٧١).
(٣) بعده في د، ز: «رحمه الله».
(٤) انظر: «مختصر الفتاوى المصرية» (ص ٦١٠) و «درء تعارض العقل والنقل» (٤/ ٦٠).