للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سبِّ الرَّجل صرَّحوا له بالزَّاي والقاف (١). فكيف تُجوِّز الشَّريعة مثلَ هذا، مع ما فيه من تعرُّضِه لإفساد فراشه، وتعليقِ أولادٍ عليه من غيره، وتعرُّضِه للاسم المذموم عند جميع الأمم؟

وقياسُ قول من جوَّز العقدَ على الزَّانية ووطْأَها قبل استبرائها حتَّى لو كانت حاملًا: أن لا يُوجِب استبراء الأمة إذا كانت حاملًا من الزِّنا، بل يطؤها عقيبَ مِلكها، وهو مخالفٌ لصريح السُّنَّة. فإن أوجبَ استبراءها نقضَ قولَه بجواز وطء الزَّانية قبل استبرائها، وإن لم يُوجِب استبراءها خالف النُّصوص، ولا ينفعه الفرقُ بينهما بأنَّ الزَّوج لا استبراءَ عليه بخلاف السَّيِّد، فإنَّ الزَّوج إنَّما لم يجب عليه الاستبراء؛ لأنَّه لا يَعقِد على معتدَّةٍ ولا حاملٍ من غيره، بخلاف السَّيِّد.

ثمَّ إنَّ الشَّارع إنَّما حرَّم الوطء بل العقدَ في العدَّة خشيةَ إمكان الحمل، فيكون واطئًا حاملًا من غيره، وساقيًا ماءه لزرع غيرِه مع احتمال أن لا يكون كذلك، فكيف إذا تحقَّق حملُها؟

وغاية ما يقال: إنَّ ولد الزَّانية ليس لاحقًا بالواطئ الأوَّل، فإنَّ الولد للفراش، وهذا لا يُجوِّز إقدامَه على خلْطِ مائِه ونسبِه بغيره، وإن لم يلحق بالواطئ الأوَّل (٢)، فصيانةُ مائه ونسبِه عن نسبٍ لا يلحق بواضعه لصيانته عن نسبٍ يلحق به.

والمقصود: أنَّ الشَّرع حرَّم وطء الأمة الحامل حتَّى تضع، سواءٌ كان حملُها محرَّمًا أو غيرَ محرَّمٍ. وقد فرَّق النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بين الرَّجل وبين المرأة الَّتي


(١) أي: زوجُ قحبةٍ.
(٢) «فإن الولد ... بالواطئ الأول» ساقطة من ص، د بسبب انتقال النظر.