للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: ولأنَّ الله سبحانه أجرى العادة بانقلاب دمِ الطَّمْث لبنًا غذاءً للولد، فالخارج وقتَ الحملِ يكون غيرَه، فهو دم فسادٍ.

قال المحيِّضون: لا نزاعَ أنَّ الحائض (١) قد ترى الدَّم على عادتها، ولا سيَّما في أوَّل حملها، وإنَّما النِّزاع في حكم هذا الدَّم لا في وجوده. وقد كان حيضًا قبل الحمل بالاتِّفاق، فنحن نستصحب حُكمَه حتَّى يأتي ما يرفعه بيقينٍ.

قالوا: والحكم إذا ثبت في محلٍّ فالأصل بقاؤه حتَّى يأتي ما يرفعه، فالأوَّل استصحابٌ لحكم الإجماع في محلِّ النِّزاع، والثَّاني استصحابٌ للحكم الثَّابت في المحلِّ حتَّى يتحقَّق ما يرفعه، والفرق بينهما ظاهرٌ.

قالوا: وقد قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «إذا كان دم الحيض فإنَّه أسود يُعرَف» (٢). وهذا أسود يُعرَف، فكان حيضًا.


(١) كذا في جميع النسخ، وفي المطبوع: «الحامل». وكلاهما محتمل، والمعنى مفهوم بقوله: «لاسيما في أول حملها». أي: أن المرأة التي تحيض قد ترى الدم على عادتها في أول حملها.
(٢) أخرجه أبو داود (٢٨٦) والنسائي (٣٦٢) وابن حبان (٤/ ١٨٠) والحاكم (١/ ٢٨١) من طريق محمد بن عمرو بن علقمة عن الزهري عن عروة عن فاطمة بنت أبي حبيش، وصححه ابن حزم وابن الصلاح والألباني، وأصل الحديث في البخاري (٣٠٦) ومسلم (٣٣٣) دون هذه اللفظة، وقد أعلها أبو حاتم كما في «العلل» لابنه (١١٧)، والدارقطني في «العلل» (٣٤٤٩) لتفرد محمد بن عمرو بها عن الزهري، وينظر: «البدر المنير» لابن الملقن (٣/ ١١٤) و «صحيح أبي داود» للألباني (٢/ ٩٥).