للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: وقد قال النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «أليست إحداكنَّ إذا حاضت لم تَصُمْ ولم تُصَلِّ؟» (١). وحيض المرأة خروج دمها في أوقاتٍ معلومةٍ من الشَّهر لغةً وشرعًا، وهذا كذلك لغةً، والأصل في الأسماء تقريرها لا تغييرها.

قالوا: ولأنَّ الدَّم الخارج من الفرج الذي رتَّب الشَّارع عليه الأحكام قسمان: حيضٌ واستحاضةٌ، ولم يجعل لهما ثالثًا، وهذا ليس باستحاضةٍ، فإنَّ الاستحاضة الدَّم المُطْبِق (٢) أو الزَّائد على أكثر الحيض، أو الخارج عن العادة، وهذا ليس واحدًا منهما، فبطل أن يكون استحاضةً، فهو حيضٌ.

قالوا: ولا يُمكِنكم إثباتُ قسمٍ ثالثٍ في هذا المحلِّ، وجعلُه دمَ فسادٍ، فإنَّ هذا لا يثبت إلا بنصٍّ أو إجماعٍ أو دليلٍ يجب المصير إليه، وهو منتفٍ.

قالوا: وقد ردَّ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - المستحاضة إلى عادتها، وقال: «اجلسي قدْرَ الأيَّام الَّتي كنتِ تحيضينَ» (٣). فدلَّ على أنَّ عادة النِّساء معتبرةٌ في وصف الدَّم وحكمه، فإذا جرى دم الحامل على عادتها المعتادة ووقتِها من غير زيادةٍ ولا نقصانٍ ولا انتقالٍ، دلَّ عادتُها على أنَّه حيضٌ، ووجب تحكيمُ عادتِها وتقديمُها على الفساد الخارج عن العادة (٤).

قالوا: وأعلم الأمَّة بهذه المسألة نساء النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وأعلمهنَّ عائشة، وقد


(١) أخرجه البخاري (٣٠٤) ومسلم (٨٨٩) من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -.
(٢) أي الذي لا يفارق صاحبه ويستمر.
(٣) أخرجه البخاري (٣٢٥) ومسلم (٣٣٣) من حديث عائشة - رضي الله عنها -.
(٤) في المطبوع: «العبادة»، تحريف.