للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صحَّ عنها من رواية أهل المدينة عنها أنَّها لا تصلِّي، وقد شهد له الإمام أحمد بأنَّه أصحُّ من الرِّواية الأخرى عنها، ولذلك رجع إليه إسحاق، وأخبر أنَّه قول أحمد بن حنبلٍ.

قالوا: ولا تُعرف صحَّة الآثار بخلاف ذلك عمَّن ذكرتم من الصَّحابة، ولو صحَّت فهي مسألة نزاعٍ بين الصَّحابة، ولا دليلَ يفصل.

قالوا: ولأنَّ عدم مجامعة الحيض للحمل إمَّا أن يُعلَم بالحسِّ أو بالشَّرع، وكلاهما منتفٍ، أمَّا الأوَّل فظاهرٌ، وأمَّا الثَّاني فليس عن صاحب الشَّرع ما يدلُّ على أنَّهما لا (١) يجتمعان.

وأمَّا قولكم: إنَّه جعله دليلًا على براءة الرَّحم من الحمل في العدَّة والاستبراء.

قلنا: جعل دليلًا ظاهرًا أو قطعيًّا؟ الأوَّل صحيحٌ، والثَّاني باطلٌ، فإنَّه لو كان دليلًا قطعيًّا لما تخلَّف عنه مدلوله، ولكانت أوَّل مدَّة الحمل من حينِ انقطاعِ الحيض، وهذا لم يقله أحدٌ، بل أوَّل المدَّة من حين الوطء، ولو حاضت بعده عدَّة حِيَضٍ. فلو وطئها، ثمَّ جاءت بولدٍ لأكثرَ من ستَّة أشهرٍ من حين الوطء، ولأقلَّ منها من حينِ انقطاعِ الحيض= لحِقَه النَّسبُ اتِّفاقًا، فعُلِم أنَّه أمارةٌ ظاهرةٌ، قد يتخلَّف عنها مدلولُها تخلُّفَ المطرِ عن الغيم الرَّطْب. وبهذا يخرج الجواب عمَّا استدللتم به من السُّنَّة، فإنَّا بها قائلون، وإلى حكمها صائرون، وهي الحَكَمُ بين المتنازعين.


(١) «لا» ليست في ز. ففسد المعنى.