للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والنَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قسَّم النِّساء إلى قسمين: حاملٌ فعدَّتها وضْعُ حملها، وحائلٌ فعدَّتها بالحيض، ونحن قائلون بموجب هذا غيرُ منازعين فيه، ولكن أين فيه ما يدلُّ على أنَّ ما تراه (١) الحامل من الدَّم على عادتها تصوم معه وتصلِّي؟ هذا أمرٌ آخر لا تعرُّضَ للحديث به، ولهذا يقول القائلون بأنَّ دمها دم حيضٍ هذه العبارةَ بعينها، ولا يُعَدُّ هذا تناقضًا ولا خللًا في العبارة.

قالوا: وهكذا قوله في شأن عبد الله بن عمر: «مُرْه فليراجِعْها، ثمَّ ليطلِّقْها طاهرًا قبل أن يَمَسَّها»، إنَّما فيه إباحة الطَّلاق إذا كانت حائلًا بشرطين: الطُّهر وعدم المَسِيْس، فأين في هذا التَّعرُّضُ لحكم الدَّم الذي تراه على حملها؟

وقولكم: إنَّ الحامل لو كانت تحيض لكان طلاقها في زمن الدَّم بدعةً، وقد اتَّفق النَّاس على أنَّ طلاق الحامل ليس ببدعةٍ وإن رأت الدَّم؟

قلنا: النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قسَّم أحوال المرأة الَّتي يريد طلاقها إلى حالِ حملٍ وحالِ خلوٍّ عنه، وجوَّز طلاق الحامل مطلقًا من غير استثناءٍ، وأمَّا غير ذات الحمل فإنَّما أباح طلاقها بالشَّرطين المذكورين، وليس في هذا ما يدلُّ على أنَّ دم الحامل دم فسادٍ، بل على (٢) أنَّ الحامل تخالف غيرَها في الطَّلاق، وأنَّ غيرها إنَّما تُطلَّق طاهرًا غيرَ مُصابةٍ، ولا يُشترط في الحامل شيءٌ من هذا، بل تُطلَّق عقيبَ الإصابة، وتُطلَّق وإن رأتِ الدَّم، فكما لا يحرم طلاقُها عقيبَ إصابتها، لا يحرم حالَ حيضها.


(١) ص، د، ز: «براءة» بدل «ما تراه»، تحريف.
(٢) «أن دم الحامل دم فساد بل على» ساقطة من ص، د، ز.