للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا الذي تقتضيه حكمةُ الشَّارع في وقت الطَّلاق إذنًا ومنعًا، فإنَّ المرأة متى استبان حملُها كان المطلِّق على بصيرةٍ من أمره، ولم يَعرِض له من النَّدم ما يَعرِض لمن طلَّق (١) بعد الجماع ولا يَشْعُر بحملِها، فليس ما مُنِع منه نظيرَ ما أُذِن فيه، لا شرعًا ولا واقعًا ولا اعتبارًا، ولا سيَّما من علَّل [المنعَ] (٢) من الطَّلاق في الحيض بتطويل العدَّة، فهذا لا أثرَ له في الحامل.

قالوا: وأمَّا قولكم: إنَّه لو كان حيضًا لانقضتْ به العدَّة، فهذا لا يلزم، لأنَّ الله سبحانه جعل عدَّة الحامل بوضع الحمل، وعدَّة الحائل بالأقراء، ولا يمكن انقضاء عدَّة الحامل بالأقراء، لإفضاء ذلك إلى أن يَملِكها الثَّاني أو يتزوَّجها وهي حاملٌ من غيره، فيسقي زرعه ماء غيره (٣).

قالوا: وإذا كنتم سلَّمتم لنا أنَّ الحائض قد تَحْبَل، وحملتم على ذلك حديث عائشة، ولم يُمكِنْكم منعُ ذلك لشهادة الحسِّ به، فقد أعطيتم أنَّ الحيض والحبل يجتمعان، فبطل استدلالكم من رأسٍ (٤)، لأنَّ مداره على أنَّ الحيض لا يجامع الحبلَ.

فإن قلتم: نحن إنَّما جوَّزنا ورود الحمل على الحيض، وكلامنا في عكسه، وهو ورود الحيض على الحمل، وبينهما فرقٌ.


(١) في النسخ: «لهن كلهن». والتصويب من هامش م.
(٢) ليست في النسخ، والسياق يقتضيها.
(٣) كذا في جميع النسخ. وفي المطبوع: «فيسقي ماءه زرع غيره».
(٤) كذا في جميع النسخ. وفي المطبوع: «من رأسه».