للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قيل: إذا كانا متنافيين لا يجتمعان، فأيُّ فرقٍ بينَ ورودِ هذا على هذا وعكسه؟

وأمَّا قولكم: إنَّ الله سبحانه أجرى العادة بانقلاب دم الطَّمْث لبنًا يتغذَّى به الولد، ولهذا لا تحيض المراضع.

قلنا: وهذا من أكبر حجَّتنا عليكم؛ فإنَّ هذا الانقلاب والتَّغذية باللَّبن إنَّما يستحكم بعد الوضع، وهو دون (١) سلطانِ اللَّبن وارتضاعِ المولود، وقد أجرى الله العادة بأنَّ المرضع لا تحيض، ومع هذا فلو رأت دمًا في وقت عادتها لحُكِمَ له بحكم الحيض بالاتِّفاق، فلَأَنْ يُحكَم له بحكم الحيض في الحال الَّتي لم يستحكم فيها انقلابُه ولا تَغذِّي الطِّفلِ به= أولى وأحرى.

قالوا (٢): وَهَبْ أنَّ هذا كما تقولون، فهذا إنَّما يكون عند احتياج الطِّفل إلى التَّغذية باللَّبن، وهذا بعدَ أن يُنفَخ فيه الرُّوح، فأمَّا قبل ذلك فإنَّه لا ينقلب لبنًا لعدم حاجة الحملِ إليه. وأيضًا، فإنَّه لا يستحيل كلُّه لبنًا، بل يستحيل بعضه ويخرج الباقي.

وهذا القول هو الرَّاجح كما تراه نقلًا ودليلًا. والله المستعان.

فإن قيل: فهل تمنعون من الاستمتاع بالمستبرأة بغير الوطء في الموضع الذي يجب فيه الاستبراء؟


(١) كذا في النسخ. وفي المطبوع: «زمن»، تحريف. والمعنى أن انقلاب دم الطمث غذاءً للجنين دونَ انقلابه لبنًا للرضيع حيث يستحكم ذلك بعد الوضع.
(٢) ص، د: «قال».