للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فجعلاه (١) من مسند ابن عبَّاسٍ، وفيه زيادةٌ، ولفظه: عن ابن عبَّاسٍ قال: كان النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - في المسجد ــ يعني الحرام ــ فرفع بصره إلى السَّماء فتبسَّم، وقال: «لعن الله اليهودَ، لعن الله اليهودَ، لعن الله اليهودَ! إنَّ الله عزَّ وجلَّ حرَّم عليهم الشُّحوم، فباعوها، وأكلوا أثمانها، إنَّ الله إذا حرَّم على قومٍ أكلَ شيءٍ حرَّم عليهم ثمنَه». وإسناده صحيحٌ، فإنَّ البيهقي رواه عن ابن عبدان، عن الصفّار، عن إسماعيل القاضي، حدَّثنا ابن منهال، حدَّثنا يزيد بن زُريع، حدَّثنا خالدٌ الحذَّاء، عن بَرَكةَ أبي الوليد، عن ابن عبَّاسٍ.

وفي «الصَّحيحين» (٢) من حديث أبي هريرة نحوه، دون قوله: «إنَّ الله إذا حرَّم أكْلَ شيءٍ حرَّم ثمنَه».

فاشتملت هذه الكلمات الجوامع على تحريم ثلاثة أجناسٍ: مشارب تُفسِد العقول، ومطاعم تُفسِد الطِّباع وتغذِّي غذاءً خبيثًا، وأعيانٍ تُفسِد الأديان وتدعو إلى الفتنة والشِّرك.

فصانَ بتحريم النَّوع الأوَّل العقولَ عمَّا يُزِيلها ويُفسِدها، وبالثَّاني: القلوبَ عمَّا يُفسِدها من وصول أثر الغذاء الخبيث إليها، والغاذي شبيهٌ بالمغتذي، وبالثَّالث: الأديانَ عمَّا وُضِع لإفسادها. فتضمَّن هذا التَّحريمُ صيانةَ العقول والقلوب والأديان.

ولكنَّ الشَّأن في معرفة حدود كلامه ــ صلوات الله وسلامه عليه ــ وما يدخل فيه، وما لا يدخل فيه، ليستبين عمومُ كلماته وجمعُها، وتناولُها لجميع


(١) في النسخ: «فجعلناه»، خطأ.
(٢) البخاري (٢٢٤٠) ومسلم (١٥٨٣).