للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطَّهارة، وأوجب الجزاء بأخْذِه (١) من الصَّيد كالأعضاء، وألحقه بالمرأة في النِّكاح والطَّلاق حلًّا وحرمةً، فكذلك هاهنا. وبأنَّ الشَّارع له تشوُّفٌ (٢) إلى إصلاح الأموال وحفظِها وصيانتها وعدمِ إضاعتها. وقد قال لهم في شاة ميمونة: «هَلَّا أخذتم إهابَها؟ فدَبغتموه فانتفعتم به» (٣). ولو كان الشَّعر طاهرًا لكان إرشادهم إلى أخذه أولى؛ لأنَّه أقلُّ كلفةً، وأسهلُ تناولًا.

قال المطهِّرون للشُّعور: قال الله تعالى: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَى} [النحل: ٨٠]، وهذا يعمُّ أحياءها وأمواتَها.

وفي «مسند أحمد» (٤): عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزُّهريِّ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن ابن عبَّاسٍ قال: مرَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بشاةٍ لميمونةَ ميِّتةٍ، فقال: «ألَا اسْتمتعتم (٥) بإهابها؟»، قالوا: وكيف وهي ميتةٌ؟ قال: «إنَّما حُرِّم لحمُها». وهذا ظاهرٌ جدًّا في إباحة ما سوى اللَّحم، والشَّحمُ والكبِد والطِّحالُ والأَلْية كلُّها داخلةٌ في اللَّحم، كما دخلت في تحريم لحم الخنزير، ولا ينتقض هذا بالعَظْم والقَرْن، والظُّفر والحافر، فإنَّ الصَّحيح طهارة ذلك كما سنقرِّره عقيبَ هذه المسألة.

قالوا: ولأنَّه لو أُخِذ حالَ الحياة لكان طاهرًا، فلم ينجس بالموت كالبيض، وعكسه الأعضاء.


(١) في المطبوع: «يأخذه» خلاف النسخ.
(٢) م، ح: «شوف» مصدر شَافَ بمعنى نظر.
(٣) أخرجه البخاري (٢٢٢١) ومسلم (٣٦٣) من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما -.
(٤) برقم (٣٤٥٢). وأخرجه أبو داود (٤١٢٠) والنسائي (٤٢٣٤) ابن ماجه (٣٦١٠).
(٥) في المطبوع: «هلا انتفعتم» خلاف النسخ و «المسند».