للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الذِّمِّيِّ حِلَّهما له، كما جوَّزتم أن يبيعه الدُّهنَ المتنجِّس إذا بيَّن حاله لاعتقاده طهارتَه وحِلَّه؟

قيل: لا يجوز ذلك، وثمنه حرامٌ. والفرق بينهما: أنَّ الدُّهن المتنجِّس عينٌ طاهرةٌ خالطتْها نجاسةٌ، ويَسُوغ فيها النِّزاع. وقد ذهبت طائفةٌ من العلماء إلى أنَّه لا يتنجس إلا بالتَّغيُّر. وإن تغيَّر، فذهبت طائفةٌ إلى إمكان تطهيره بالغسل، بخلاف العين الَّتي حرَّمها الله في كلِّ ملَّةٍ، وعلى لسان كلِّ رسولٍ، كالميتة والدَّم والخنزير، فإنَّ استباحته مخالفةٌ لما أجمعت الرُّسل على تحريمه وإن اعتقد الكافر حلَّه، فهو كبيع الأصنام للمشركين، وهذا هو الذي حرَّمه الله ورسوله بعينه، وإلَّا فالمسلم لا يشتري صنمًا.

فإن قيل: فالخمر حلالٌ عند أهل الكتاب، فجَوِّزوا بيعَها منهم.

قيل: هذا هو الذي توهَّمه من توهَّمه من عمَّال عمر بن الخطَّاب، حتَّى كتب إليهم عمر (١) ينهاهم عنه، وأمر عمَّاله أن يولُّوا أهلَ الكتاب بيعَها بأنفسهم، وأن يأخذوا ما عليهم من أثمانها. فقال أبو عبيد (٢): ثنا عبد الرحمن، عن سفيان بن سعيدٍ، عن إبراهيم بن عبد الأعلى الجعفي، عن سُوَيد بن غَفَلة قال: بلغ عمرَ بن الخطَّاب أنَّ ناسًا يأخذون الجزية من الخنازير، فقام بلال فقال: إنَّهم ليفعلون، فقال عمر: لا تفعلوا، وَلُّوهم بيعَها.


(١) «عمر» ليست في د، ز.
(٢) في «الأموال» (١٢٨). وأخرجه عبد الرزاق (٩٦٦٦، ١٤٨٥٣، ١٩٣٩٦)، وابن المنذر في «الأوسط» (١١/ ١١) من طرق عن سفيان به. وأخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (٩/ ٢٠٥) عن ابن عباس عن عمر، وفي إسناده جهالة.